أي : بحيث يثبت البطلان بإطلاق الهيئة لا بأصالة الاشتغال كما عرفت.
وهذا إنما يتم ، فيما لو كان للهيئة ـ التي هي دليل الوجوب ـ إطلاق.
وأمّا إذا لم يكن لها إطلاق ـ كما إذا افترض أنّ الوجوب ثبت بدليل لبّي ـ ويكون القدر المتيقن منه ثبوت الوجوب على المكلّف ، لو لم يأت بالفرد المنهي عنه ، فإنّه حينئذ مع الإتيان بالفرد المنهي عنه ، لا يكون الشك في تفريغ الذمة كي تجري أصالة الاشتغال ، وإنّما يكون الشك في أصل التكليف بالوجوب ، فتجري أصالة البراءة ، فلا تجب الإعادة ، وعلى هذا الأساس ، لا يتم هذا الملاك أصلا.
٥ ـ الملاك الخامس ، هو : إنّ النّهي ، يكشف عن مبغوضيّة الفعل في نظر المولى ، ومعه ، فلا يمكن التقرب بهذا الفعل ، لأنّه إنّما يعقل التقرب بالفعل نحو المولى ـ أيّ مولى كان ـ فيما إذا كان حال المولى مع هذا الفعل أحسن من حاله مع تركه. وأمّا إذا كان حاله مع تركه أحسن من حاله مع فعله ، كما في محل الكلام ، فلا يمكن التقرب به حينئذ ، ومع عدم إمكان التقرب به يقع باطلا وغير مجز.
هذا حاصل ما يقال في تقريب هذا الملاك ، ولا يحتاج فيه إلى إبراز آثار النّهي ، من كونه مبعدا لا يمكن التقرب به ، وأنّه يقبح معصية النهي وأمثال ذلك ، لأنّ ما ذكرناه في هذا الملاك من مناط المقربية ، قضيّة صادقة ، حتى ولو فرض أنّه لا قبح في معصية المولى الناهي ، كما لو كان المولى من الموالي الذين لا تقبح مخالفتهم ، فحتى في مثل ذلك ، لا يمكن أن يتقرب لهذا المولى بما نهى عنه لما ذكرناه.
وإن شئت ، قلت : إنّ المكلّف بعد توجه النّهي إليه ، يكون عاجزا عن الإتيان بالفعل العبادي بقصد قربي إلهي ، لأنّ وصول النّهي إليه يكشف عن تماميّة مبادئ النّهي ، ويكشف بالتالي عن كون العبادة مبغوضة بالفعل ، وكون تركها أرجح عند المولى من فعلها ، إذ لو لا ذلك لما تعلق النّهي الفعلي بها ، ومع إحراز المبغوضية الفعلية يستحيل أن يؤتى بالفعل لأجله