تعالى ، فإنّ الإتيان بفعل لأجل المولى ، إنّما يعقل فيما لو فرض أنّ حال المولى مع الفعل أحسن من حاله مع تركه ، وأمّا لو فرض أنّ حاله مع تركه أحسن من حاله مع فعله ، بحيث كان الترك هو الأفضل كما في محل الكلام ، حينئذ ، لا يمكن التقرب به إلى المولى ، ومع عدم إمكان التقرب به يقع باطلا وغير مجز ، لأنّنا قد فرضنا أنّ الفعل العبادي قد أصبح مبغوضا بالفعل للمولى ، فيكون حال المولى مع تركه أحسن من حاله مع فعله.
وعليه ، لا يعقل أن يؤتى به للتقرب من المولى ، ومعناه ، عدم التمكن من قصد القربة ، فلا تقع العبادة صحيحة.
ثم إنّ هذا الملاك يثبت البطلان من باب عجز المكلف عن قصد التقرب ، لا من جهة القصور الذاتي في نفس الفعل ، لأنّه لا يثبت ذلك كما هو واضح.
ويترتب على ذلك أن يكون هذا الملاك مختصا بالعبادات ، ولا يشمل التوصليات.
ومن خصائص هذا الملاك ، أنّه إن تمّ ، فهو يثبت البطلان الواقعي ، إلّا أنّ هذا البطلان ليس تابعا للنّهي بوجوده الواقعي ، بل هو تابع للنهي بوجوده الواصل ، لأنّ النّهي الواصل هو الذي يمنع عن قصد التقرب.
ومن جملة خصوصيات هذا الملاك ، أنّه إن تمّ ، فهو يسري في تمام أقسام النّهي ، عدا القسم الرابع ، لأنّ النّهي في القسم الرابع ، لا يكشف عن مبغوضيّة في متعلقة ، ليكون ذلك مانعا من التقرب ، بل لعلّ متعلقه ذو مصلحة ، فيتقرب به رجاء واحتمالا ، ولو كان هناك نهي في الواقع ، ويترتب على ذلك ، أنّه مع عدم وصول النّهي ، حينئذ ، يقطع بالصحة ، لا أنّ الصحة تكون ظاهرية.
وإن شئت قلت : إنّ هذا الملاك إن تمّ ، فهو يسري في تمام أقسام النّهي ، عدا القسم الرابع ، فإنّ النّهي فيه ، لا يكشف عن مبغوضيّة متعلقه