وإنّما يكشف عن مصلحة في جعل هذا النّهي ، فقد يكون حال المولى مع فعل المتعلق أحسن من حاله مع عدم فعله.
وكذلك يتم هذا الملاك حتى لو بنينا على جواز اجتماع الأمر والنّهي على أساس الملاك الأول ، أو الثاني لجواز الاجتماع ، فإنّه مع تقديم جانب النّهي ، وافتراض أنّ الفعل الخارجي مبغوض للمولى ، لا يمكن التقرب به.
نعم لو بنينا على جواز الاجتماع على أساس الملاك الثالث لجواز الاجتماع ، فلا يتم هذا الملاك الخامس ، فإنّه بناء على هذا الملاك يكون هناك وجودان في الخارج : أحدهما مبغوض للمولى ، والآخر محبوب له ، ومعه يمكن التقرب بالوجود المحبوب ، بينما الملاكات السابقة لو تمّت ، فهي مختصة بخصوص فرض امتناع الاجتماع ، ولا تتم بناء على جواز الاجتماع ، سواء أكان على أساس الملاك الأول ، أو الثاني ، أو الثالث من ملاكات جواز الاجتماع ، فإنّ مقتضى القول بجواز الاجتماع هو فعليّة الأمر ووقوع الفعل ، مصداقا للواجب ، وهذا يعني ، ثبوت المصلحة فيه ، فينتفي الملاك الأول ، ولا بدّ أن تكون هذه المصلحة غير مندكّة ، وغير مغلوبة في دائرتها ، كي يمكن نشوء الأمر منها ، فينتفي الملاك الثاني ، ومع وجود الأمر وفعليته يمكن التقرب ، فينتفي الملاك الثالث ، وكذلك تستكشف المصلحة من وجود الأمر ، فينتفي الملاك الرابع.
والتحقيق في حال هذا الملاك ، يتوقف على بيان مقدمة :
وحاصلها هو : إنّ المقربيّة والمبعديّة من شئون الداعي النفساني للعبد ، وليستا من الصفات القائمة بحيثيات الأفعال الخارجية ، فلا تنشأ منها.
ومن هنا ، لو شرب شخصان من إناء واحد ، إلّا أنّ أحدهما شرب بداعي كون هذا الماء من ماء «زمزم» تبركا ، بينما شرب الآخر بداعي كون هذا السائل خمرا ، ففعل الأول يكون مقربا ، بينما يكون فعل الآخر مبعّدا ،