وعليه : ففي هذا الفرض ، يستحيل أن ينقدح داعي النّهي في نفس العبد نحو هذا الفعل ، وإذا لم يوجد مثل هذا الداعي ، فيقع الفعل باطلا ، وبذلك يتم هذا الملاك.
وبتعبير آخر ، يقال : إنّه له افترضنا قيام المصلحة بخصوص الحصة المنهي عنها ، فإنّه يستحيل قصد التقرب بها حينئذ ، بمعنى أنّه لا يمكن أن يكون في نفس العبد داع إلهي ، لأنّ هذا الداعي الإلهي ، إن دعاه إلى الجامع بين هذه الحصة وبين الحصص الأخرى المباحة ، فهو غير معقول ، لأنّ المصلحة غير قائمة بالجامع ، وإنّما هي قائمة بخصوص الحصة.
وإن دعاه إلى إيجاد خصوص هذه الحصة ، فهو أيضا غير معقول ، لأنّ ترك الحصة أحسن عند المولى من فعلها ، فكيف يمكنه أن يأتي بها بقصد التقرب منه تعالى ، إذن فثبت أنّه لا يعقل أن يقع الفعل عباديا ، إذن فهذا الملاك الخامس يتم في هذه الفرضية.
وأمّا لو فرض أنّ المصلحة كانت قائمة بالجامع بين الحصة المحرمة ، والحصة المباحة ، أي : إنّها قائمة في الجامع بين الصلاة في الحمّام ، والصلاة خارجه ، فإنّه في مثله ، يعقل انقداح الداعي الإلهي في نفس العبد نحو هذا الجامع ، وذلك لوجود المقتضي ، وعدم المانع ، أمّا المقتضي ، فهو قيام الملاك فيه ، وأمّا عدم المانع ، فلأنّ المفروض أنّ حال المولى مع هذا الجامع ، أحسن من حاله مع عدمه.
نعم حال المولى مع الحصة المحلّلة منه ، أحسن من حاله مع الحصة المحرمة منه ، لكن المفروض إنّ الحصة المحلّلة ليست مركزا للملاك ، وإنّما المركز ، هو الجامع ، وحال المولى معه ، أفضل من حاله مع تركه مطلقا ، وعليه فهناك مجال لانقداح الداعي في نفس العبد نحو هذا الجامع ، وحينئذ فإن انقدح في نفسه داع إلهي آخر نحو الحصة المحلّلة منه ، فيكون قد امتثل الأمر والنّهي ، وأمّا إذا لم ينقدح داع إلهي آخر عنده نحو الحصة المحلّلة ، بل انقدح عنده داع شيطاني نحو الحصة المحرمة ، فصلّى في