يتحقق الداعي الشيطاني ليكون مضرا بصحة العبادة. كما أنّ هذا الملاك يرجع إلى القصور في قدرة المكلف ، ولذا يختص بالعبادات ، كما أنّه لو تمّ فهو يتم حتى بناء على القول بجواز الاجتماع بأحد ملاكي جواز الاجتماع الأول أو الثاني دون الملاك الثالث من ملاكات الاجتماع ، كما عرفت في الملاك الخامس.
ثم إنّ هذا الملاك يحول المسألة إلى مسألة فقهية ، وهي : إنّه هل يشترط في صحة العبادة تمحضها في الداعي القربي ، أو أنّه لا يشترط ذلك؟ وقد عرفت أن العبادية بمعنى وجوب قصد القربة لم يثبت بدليل لفظي ، بل إنّ أهم دليل عليه هو الإجماع والارتكاز. ومن المعلوم أنّ الارتكاز قائم على أنّ الله تعالى لا يطاع من حيث يعصى.
وعليه فالإتيان بالصلاة بداع قربي مقرون بداع شيطاني ، لا يكون مسقطا للأمر بها ، بل لا بدّ من تمحضها بداع قربي فقط. ومرتكزات المتشرعة تقضي بذلك ، وبهذا يثبت بطلانها ، بلا حاجة إلى ما ذكر في الملاكات السابقة.
وبهذا يتضح ، إنّ الصحيح هو هذا الملاك السابع ، وكذلك الملاك الرابع بعد تتميمه كما عرفت في محله.
هذا تمام الكلام في ملاكات اقتضاء النّهي للفساد في العبادة ، وقد تبيّن أنّ الصحيح من هذه الملاكات ، هو الملاك السابع ، والملاك الرابع ، بصيغته المعدّلة ، كما عرفت سابقا.
وقد بقي تنبيهات للمسألة ، نستعرضها تباعا :
١ ـ التنبيه الأول ، هو : إنّه لو بني على أنّ النّهي التحريمي يقتضي الفساد بأحد الملاكات السابقة ، فهل إنّ ذلك الملاك الذي أوجب اقتضاء النّهي التحريمي للفساد ، يوجب اقتضاء النّهي الكراهتي عن العبادة للفساد أيضا ، أو إنّه لا يوجب ذلك؟ أو فقل : إنّه لو بنينا على أنّ النهي التحريمي