شرعا ، ولكنه قبيح عقلا ، فيكون حاله كحال قبح المعصية ، فكما أنّ المعصية قبيحة عقلا ، ولا تستلزم حكما شرعيا بحرمتها ، لأنّها من تبعات حق المولى ، فلا معنى لتدخّل المولى من جديد وحكمه بالحرمة عليها.
فحتى لو قلنا : بأنّ التشريع كالمعصية غير محرم شرعا ، وإنّما هو قبيح عقلا ، فمع هذا ، يحكم ببطلان العبادة في المقام ، لأنّ قصد المكلّف بعد فرض كونها قبيحا عقلا ، يكون جرأة على الله تعالى ، ومعه يستحيل أن يكون مقربا نحوه ، وحينئذ ، تبطل العبادة.
ومن مجموع ما ذكرنا ، يمكن استنتاج الفوارق بين الحرمة الذاتية ، والحرمة التشريعية ، فإنّه في الحرمة الذاتية كان مصب الحرمة والبغض هو العمل ، حيث كان بالإمكان أن يقرب بقصد إلهي قد يتفق وجوده ، وأمّا في الحرمة التشريعية ، فنفس القصد المحرك في العمل ، يكون قصدا شيطانيا ، فلا يمكن التقرب على أساسه.
وإن شئت قلت : إنّه لو سلّمنا عدم تعلق الحرمة التشريعية ، لا بالفعل الخارجي ، ولا بنفس الإسناد والقصد ـ بأن يفترض أنّ قبح التشريع يكون من قبيل قبح المعصية والتجري الذي يكون في طول حق المولى ، فلا يمكن أن يكون موجبا لحكم شرعي ـ لو سلّمنا بهذا ، فلا إشكال في قبح هذا الإسناد والقصد عقلا ، لكونه موجبا لهدر حق المولى ، وما يوجب هدر حق المولى وهتكه ، يستحيل أن يكون مقربا إلى المولى.
٤ ـ التنبيه الرابع : وهو معقود لبيان المواضع التي يكون فيها النهي إرشاديا ، والتي يكون فيها مولويا : وإنّه إذا ثبت كونه إرشاديا ، فهو يقتضي البطلان ، إمّا لكونه إرشادا إلى البطلان رأسا ، كالنّهي عن الصلاة في ما لا يؤكل لحمه ، وإمّا لكونه إرشادا إلى عدم المشروعيّة ، كالنّهي عن الصوم يوم عاشوراء ، وعدم المشروعية لا يكون إلّا لأجل عدم الملاك ، ومع عدمه يكون الفعل باطلا.
إذن في هذين الموردين ، لا إشكال في اقتضاء النّهي للبطلان ، لأنّه