بحوث المفاهيم
ولتحديد موضوع البحث في المقام ، لا بدّ من تعريف المفهوم ، فنقول : انّه لا إشكال في أنّ المفهوم مدلول التزامي للكلام ، في مقابل المنطوق ، الذي هو مدلول مطابقي له ، كما أنه لا إشكال في انّه ليس كل مدلول التزامي للكلام ، مفهوما ، كما في وجوب المقدمة ، فإنّه مدلول التزامي لوجوب ذيها ، مع انّه ليس من المفاهيم.
وعليه ، فالمفهوم ، هو حصة خاصة من المدلول الالتزامي.
وقد وقع البحث في تمييز هذه الحصة عن غيرها ، وفي مقام توضيح ذلك ، ذكرت عدّة وجوه.
١ ـ الوجه الأول : وهو مستفاد من كلام الميرزا «قده» في تقريرات بحثه (١) : وحاصله : هو ان المفهوم عبارة عن المدلول الالتزامي الذي يكون لازما بينا بالمعنى الأخص ، بمعنى انه بمجرد تصور الملزوم ينتقل منه إلى اللازم بلا توسط شيء آخر ، ومن هنا لم يكن وجوب المقدمة من المفاهيم ، لأن تصور وجوب الصلاة لا يستدعي الانتقال إلى تصور وجوب الوضوء ، كما هو واضح.
الّا انّ هذا الوجه غير تام ، لأن الميرزا «قده» وغيره قد ذكروا في مقام إثبات مفهوم الشرط وجوها لإثبات المفهوم ، وهذه الوجوه لو تمّت فهي تثبت المفهوم ، لكن لا يكون هذا المفهوم لازما بيّنا بالمعنى الأخص ، بل قد يكون لازما غير بيّن أصلا ، وإنما هو لازم خفي يحتاج إلى توسط برهان
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ـ ج ١ ص ٢٩٦ ـ المطبعة العلمية ١٣٦٨ ه.