بينما الوجوب مستفاد من الإطلاق ومقدمات الحكمة على أساس كونه خصوصيّة زائدة في الطلب ، وحينئذ يقال : بأنّ وجوب المقدمة ، يصبح لازما لخصوصيّة في المدلول المطابقي لقوله «صلّ» ، فينطبق تعريف المفهوم على وجوب المقدمة أي الوضوء مع انه لا إشكال في انه ليس من المفاهيم ، حتى لو بني على انّ استفادة الوجوب كانت بمقدمات الحكمة. وبهذا يثبت ان هذا التعريف للمفهوم غير مانع ، كما لم يكن جامعا كما عرفت في التعليق الأول.
٣ ـ الوجه الثالث : وهو ما يقتضيه التحقيق ، وحاصله : انّ القضيّة التي يربط فيها بين جزءين ، تارة يفرض ان اللازم لهما لازما بلحاظ الحكم بحيث لو غيّر الحكم لزال هذا اللازم. فمثلا حينما يقال : صلّ ، فإن لازمه وجوب الوضوء ، لكن لو غيّر هذا الحكم وهو وجوب الصلاة فقيل ، تباح الصلاة ، ففي مثله ينتفي وجوب الوضوء.
وتارة أخرى ، يفرض انّ اللازم فيها لازم بلحاظ الموضوع ، بحيث لو تغيّر الموضوع لزال هذا اللازم ، فمثلا لو قيل ، أكرم ابن الهاشمي ، فيستفاد منه إكرام الهاشمي بطريق أولى ، فهنا لو تغيّر الموضوع ، فقيل أكرم اليتيم ، فلا يكون دالا على وجوب إكرام الهاشمي.
وتارة ثالثة : يفرض انّ اللازم ، لازم بلحاظ ربط الحكم بالموضوع ، وليس لازما للحكم بخصوصه ، ولا للموضوع بخصوصه ، بل للربط بينهما ، كما لو قيل : إذا جاءك زيد فأكرمه ، فيستفاد منه ، الانتفاء عند الانتفاء ، فهذا اللازم ، لازم للربط بين الحكم والموضوع ، لا لأحدهما بخصوصه ، ولذا لو بدّلنا الحكم فقلنا ، إذا جاءك زيد فلا تكرمه ، أو بدّلنا الموضوع فقلنا : إذا جاءك عمرو فأكرمه ، فإنه في هاتين الصورتين يبقى اللازم وهو الانتفاء عند الانتفاء ، لأنه لازم للربط ، وهو موجود .. ومن هنا يصح أن نعرف المفهوم ، بأنه عبارة عن المدلول الالتزامي الذي تكون نكتة اللزوم فيه قائمة