بربط الحكم بموضوعه لا بالحكم بخصوصه ، ولا بالموضوع بخصوصه ، هذا هو الصحيح في تعريف المفهوم.
وإن شئت قلت : ان القضية التي تربط بين جزءين ، لا محالة يكون اللازم لهما ، إمّا لازما لنفس هذين الجزءين بنحو لو بدلنا أحد الجزءين بشيء آخر فلا يثبت اللازم ، وإمّا ان يكون لازما للربط بين الجزءين بنحو يكون اللازم ثابتا ما دام ان الربط الخاص ثابت وان تغيّر طرفاه ، وحينئذ ، فالقسم الثاني من اللازم هو المفهوم دون الأول ، ومثال القسم الأول هو أن يقال : صلّ ، فإنه يدل بالملازمة على وجوب مقدمة الصلاة التي هي الوضوء ، ان وجوب المقدمة يكون لازما للحكم في صلّ بنحو لو غيرنا هذا الحكم وافترضنا ان الصلاة مباحة غير واجبة لا يثبت وجوبها. وكذلك لو قيل أكرم ابن الهاشمي ، وافترض ان اللازم له ، وجوب إكرام نفس الهاشمي أيضا بالأولوية ، فإنّ هذا لا يكون لازما للربط بين الحكم والموضوع ، وإنما يكون لازما لنفس الموضوع ، ولعلّ ما يدل على هذا انه لو غيرنا الموضوع بموضوع آخر وقلنا ، أكرم اليتيم ، فلا يثبت هذا اللازم ولا يدل على وجوب إكرام أم اليتيم مع ان نفس الربط السابق بين الحكم والموضوع محفوظ.
ومثال الثاني ، الجمل الشرطية ، كما لو قيل ، «إن جاءك زيد فاكرمه» ، فإنه يدل بالملازمة على الانتفاء عند الانتفاء ، لأنّ اللازم. هنا ، لازم لنفس الربط الخاص بين الشرط والجزاء ، ولا يكون لازما لذات الشرط ولا لذات الجزاء ، بدليل انّه لو بدّلنا الشرط والجزاء معا ، أيضا دلت الجملة على الانتفاء عند الانتفاء ، لو كان نفس الربط السابق محفوظا ، كما إذا قيل بدلا عن المثال السابق ، إن جاءك عمرو فأكرمه ، فإنها تدل أيضا على الانتفاء عند الانتفاء ، غايته انّه مع تبديل أطراف منطوق الجملة ، يتبدل أطراف المفهوم.