وبناء على ذلك يقال : إذا ورد ، «أكرم العالم» ، ثم ورد ، «أكرم العالم العادل» وعلمنا بوحدة الحكم في المطلق والمقيد ـ ومن الواضح انّ وحدة الحكم ترجع إلى وحدة الجعل ـ ومن هنا يمكن أن نثبت انّ «العدالة» التي أخذت في المقيّد هي علة تامة منحصرة بالنسبة إلى شخص الحكم ، وهو «وجوب الإكرام» ، بمعنى أنّها مأخوذة في موضوع ذلك الجعل الواحد ، بنحو لا يكون الجعل شاملا لحالة فقدها.
والذي يدلنا على ذلك ، هو انّه لو كان هناك علة أخرى ، لوجوب الإكرام ، غير العدالة ، فحينئذ ، لا يخلو الأمر ، فإمّا أن يكون كل من العلتين بعنوانه مأخوذا في موضوع هذا الجعل الواحد ، وإمّا أن يكون المأخوذ هو الجامع بينهما.
فإن كان الأول ، فهو مستحيل ، لأنّه يستحيل أن يكون للجعل الواحد موضوعان عرضيّان كما عرفت.
وإن كان الثاني ، أي انّ المأخوذ هو الجامع ، فهذا ممكن ، إلّا أنّ معنى ذلك ، هو انّ العدالة لم تؤخذ بعنوانها الخاص في عالم الجعل ، وإنّما هي مأخوذة في ضمن أخذ الجامع بينها وبين العلة الأخرى المفروضة.
وهذا ينافي أصالة التطابق بين مقام الثبوت ومقام الإثبات ، فإنّ مقتضى هذا الأصل ، هو انّ كل قيد أخذ إثباتا ، فهو مأخوذ ثبوتا ، وإذا لم يكن مأخوذا إثباتا ، فلا يكون مأخوذا ثبوتا.
وفي محل كلامنا ، المفروض ، انّه قد أخذت العدالة بعنوانها الخاص في عالم الجعل ومقام الإثبات ، وهذا يكشف عن أنها مأخوذة كذلك في مقام الثبوت ، وبذلك يبطل فرض كونها مأخوذة في ضمن الجامع.
وعليه ، فإذا بطل هذان الاحتمالان المتفرعان على فرض علة أخرى غير العدالة ، يثبت حينئذ ، انّ العدالة ، علة تامة منحصرة ، وإذا كانت هكذا