هذا الدليل الأول الذي يثبت به مذهب المشهور ، ويبطل به مذهب الأصفهاني «قده».
٢ ـ الدليل الثاني : هو الذي يثبت به كلام الأصفهاني «قده» ، ويتوقف توضيحه على ذكر مقدمة ، حاصلها : هو انّه في كثير من الموارد يدخل الاستفهام في الجملة الشرطية بحيث يكون مقصود المتكلم الاستفهام عن وجود الجزاء على تقدير وجود الشرط ، كما في قولنا ، «إذا جاءك زيد فهل تكرمه»؟ ففي مثله ، يحتمل فيما هو المعلّق على الشرط ثلاث احتمالات.
١ ـ الاحتمال الأول : أن يكون المعلّق على الشرط هو المستفهم عنه ، وهو صدور الإكرام لا الاستفهام.
إذن ، فهذا الاحتمال يعزل الاستفهام عن كونه داخلا في الشرط أو في الجزاء ، فيكون الاستفهام فوق الجملة الشرطية ، أي داخلا فيها ككل فقط.
فيرجع قولنا ، «إذا جاءك زيد فهل تكرمه»؟ إلى قولنا ، «هل تكرم زيدا إذا جاء»؟
وهذا الاحتمال غير صحيح ، لأنّه يجب أن يكون فعل الشرط وجزاؤه في الجملة الشرطية ، جملتين تامتين في أنفسهما وبقطع النظر عن أداة الشرط.
وبناء على هذا الاحتمال ، لا يكون الجزاء جملة تامة في بعض الموارد ، كما في قولنا ، «إذا زارك عدوك فكيف حالك» ، فهنا لو أخرجنا كلمة ـ «كيف» ـ عن نطاق الجزاء ، لبقي عندنا كلمة ـ «حالك» ـ وهي غير تامة فلا يمكن أن تكون هي المعلّق على الشرط ، إذن فهذا يبرهن على انّ أداة الاستفهام داخلة في الجزاء ومقوّمة له ، لأنّ الجزاء لا يكون جملة تامة إلا بأداة الاستفهام ، كما في مثالنا.
وعليه ، فهذا الاحتمال يبطل ، لأنّه يعزل أداة الاستفهام عن الجزاء ، كما يعزلها عن الشرط.