١ ـ الطريق الأول : هو ما سلكه الأصفهاني «قده» ، وانسداد هذا الطريق على المشهور واضح.
٢ ـ الطريق الثاني : هو أن يقاس الاستفهام على الأحكام ، فيقال : كما انّ للأحكام المشروطة مرتبتين ، إحداهما مرتبة الجعل ، وهي منوطة بوجود الشرط التقديري ، والثانية مرتبة المجعول ، وهي منوطة بوجوده الخارجي ، كذلك فإنّ للاستفهام مرتبتين ، وحينئذ ، فيكون الاستفهام في مرتبة جعله منوط بوجود الشرط التقديري.
وهذا الطريق أيضا مسدود على المشهور ، لأنه ليس للاستفهام مرتبتان ، بل هو حالة وجدانيّة لا اعتباريّة كي يتصوّر فيها ما يتصوّر في الأحكام من مرتبتين.
وعليه ، فلا يمكن للمشهور إثبات كون الاستفهام معلقا على الشرط بوجوده التقديري ، كما هو لسان الاحتمال الثالث الصحيح ، فحينئذ لا يكون مذهب المشهور منسجما مع هذا الاحتمال الثالث.
إذن فهذا يكون دليلا على بطلان مذهب المشهور ، وصحة مذهب الأصفهاني «قده».
إلّا أنّ الصحيح ، بطلان هذا الدليل : أمّا أولا : فإنه يمكن اختيار الاحتمال الثاني ، وهو كون الاستفهام معلقا على الشرط بوجوده الخارجي ، ومع هذا ، لا يرد عليه ما ذكر من استلزام ذلك لعدم فعلية الاستفهام ، وذلك لأن فعلية الاستفهام وإن لم يمكن استفادتها من نفس اللفظ ، إلّا ان هناك قرينة عرفية يمكن بواسطتها استفادة فعليّته ، وهذه القرينة هي نفس توجيه هذا الكلام. وهو قوله ، «إذا جاءك زيد فهل تكرمه».
فنفس توجيه هذا الكلام ، قرينة عرفيّة على طلب الجواب ، وليس معناه إلّا كون الاستفهام فعليا.
اذن ، فالاحتمال الثاني تام ولا إشكال ، فلم ينحصر الاحتمال الصحيح بالاحتمال الثالث ليتم هذا الدليل.