وأمّا ثانيا ، فإنّ الإشكال الذي أورد على الاحتمال الثاني ، وهو عدم فعليّة الاستفهام يرد أيضا على الاحتمال الثالث لو قطعنا النظر عمّا ذكرناه من القرينة العرفية ، وذلك لأنه في الاحتمال الثالث قد جعل الجزاء منوطا بوجود الشرط التقديري ، فحينئذ نقول : هل انّ الجزاء أنيط بوجود الشرط التقديري بما هو تقدير ، أو بما هو فان في المقدّر؟.
فإن قيل الأول ، فلازمه أن تكون الأحكام التي جعلت منوطة بشرط فعليته قبل تحقق الشرط خارجا ، وذلك باعتبار انّها أنيطت بوجود الشرط التقديري بما هو تقدير ، وهذا فعلي ، فيلزم أن تكون فعلية وإن لم يتحقق الشرط خارجا. ففي قولنا : إذا جاءك زيد فأكرمه ، يجب أن نكرم زيدا قبل مجيئه ، وهذا خلف. وإن قيل الثاني ، وهو كون الجزاء منوطا بوجود الشرط التقديري بما هو فان في المقدّر ، فحينئذ لا يلزم هذا الإشكال بالنسبة للأحكام ، لأن فعلية الحكم حينئذ منوطة بفعلية الشرط ووجوده خارجا ، لكن معنى ذلك ان الاستفهام لا يكون فعليا إلّا بعد وجود الشرط خارجا لأن فعليّة الاستفهام قد أنيطت بذلك لأن حالها حال الأحكام.
فهذا الاحتمال الثالث لا يدفع إشكال عدم فعلية الاستفهام ، والذي يدفعه هو ما ذكرناه من القرينة العرفية.
وبهذا يثبت ان الاحتمال الثالث على فرض صحته فهو غير متعيّن ، وذلك لتمامية الاحتمال الثاني أيضا ، ومعه لا يكون هذا الدليل لمذهب الأصفهاني «قده» تاما.
فما ذهب إليه المشهور من كون أداة الشرط موضوعة للربط بين الشرط والجزاء هو الصحيح لما عرفته في الدليل الأول ولشهادة الوجدان على ذلك كما أشرنا إليه. هذا تمام الكلام في المرحلة الأولى من النقطة الأولى.