ومن هنا يعلم أنّ التقريب الأول وهو الورود ، غير تام ، لأنّه كما يكون الورود من جانب الإزالة ، فإنه يحتمل أن يكون من جانب الصلاة ، لأنّنا نحتمل كون الاشتغال بالصلاة رافعا لملاك الإزالة حينئذ.
وبهذا يثبت أنّ تمامية التقريب الأول موقوفة على المعنى الأوّل للأهميّة ، وهو أن يكون الملاك فعليا حتى في حال الاشتغال بالصلاة ، كما عرفت.
إلّا أنّ إحراز فعليّة هذه الأهميّة ، لا يتكفّله نفس الخطاب ، لما عرفت سابقا ، من أنّ فعليّة الملاك لا تحرز بنفس الخطاب ، وحينئذ لا بدّ من قرينة خارجيّة على فعليّة ملاك الإزالة ، حتى في حال الاشتغال بالصلاة ، فإن تمّت قرينة خارجية على ذلك ، فيتم التقريب الأول ، وإلّا فلا.
وإذا تمّ الأول يتم الثاني ، لما عرفت ، ومعه لا حاجة للأول ، وبهذا نثبت الملازمة بين التقريبين واحتياجهما في التماميّة لقرينة خارجية.
وتحقيق هذا الإشكال هو أن يقال : إنّ هذين التقريبين غير متلازمين ، كما أنّ التقريب الأول لا يحتاج إلى قرينة خارجية على فعليّة الملاك.
وبيان ذلك هو : إنّ كل خطاب ، هو مقيّد لبّيا بعدم الاشتغال بضد واجب ، كما عرفت ، إلّا أنّ هذا التقييد لا بدّ وأن يقتصر فيه على أقل مقدار ترتفع به الضرورة ، لأنّ هذا التقييد ضرورة ، وهي تقدّر بقدرها.
وعليه ، فاللازم برهانا أن نقيّد كلّ خطاب بعدم الاشتغال بضد واجب واجد لنكتتين :
١ ـ النكتة الأولى : هي أن يكون هذا الضد الواجب مساويا في الملاك لذلك الواجب ، أو أهم منه ، وإلّا فلو كان أقل منه ملاكا ، فلا برهان على تقييد ذلك الواجب بعدم الاشتغال به ، لعدم دليل على كون القدرة في ذلك الواجب شرعية كي يقيّد بذلك.