دعوى انتزاع المفهوم بلحاظ المدلول التصوري ، لأنّ الانسباق والتبادر دليل الوضع ، والدلالة الوضعيّة دلالة تصورية كما عرفت.
وكلّ تقريب ، مبني على التمسّك بمقدمات الحكمة ، يكون مرجعه إلى انتزاع المفهوم ، بلحاظ المدلول التصديقي ، لأنّ مقدمات الحكمة ترجع إلى الظهور السياقي ، والدلالة الراجعة إلى الظهور السياقي ، دلالة تصديقية.
إذا عرفت ذلك ، ندخل في التقريبات التي ذكرت في المقام ، وهي خمسة.
التقريب الأول : وحاصله : هو انّ هيئة الجملة الشرطية أو أداة الشرط ، موضوعة للربط بين الشرط والجزاء ، وهذا الربط ، عبارة عن اللزوم العلّي الانحصاري حسب تعبير المشهور ، وبناء على تعبيرنا نقول : بأنّ هيئة الجملة الشرطيّة ، موضوعة لإفادة النسبة التوقفيّة ، ويستدل على ذلك بالتبادر ، وهو دليل الوضع.
وهذا التقريب ان تمّ فهو يثبت المفهوم للجملة الشرطية ، لكن في مرحلة المدلول التصوري.
وقد اعترض على هذا التقريب ، بأن لازمه التجوز والعناية في الجملة الشرطية التي لا تكون دالة على المفهوم كما في قولنا ، إذا شربت السمّ تموت ، فهذه جملة لا مفهوم لها قطعا ، فإذا فرض ان الجملة موضوعة للنسبة التوقفيّة ، أو للربط بنحو اللزوم العلّي الانحصاري ، للزم التجوز في الجملة المذكورة ، لأنها لم تستعمل فيما وضعت له باعتبار انه لا مفهوم لها ، مع انه لا إشكال في عدم التجوّز في أمثال هذه الجملة.
وهذا الاعتراض ، سوف يأتي الكلام فيه ، بعد استعراض باقي التقريبات.
التقريب الثاني : هو أن يقال : ان الجملة الشرطية موضوعة للجامع بين اللزوم العلّي الانحصاري ، واللزوم العلّي غير الانحصاري ، إلّا انه عند