ظاهر الجملة الشرطية في كفاية الشرط لإيجاد الجزاء ، وإنّما هو قصور بالعرض ، أنتجه الاقتران بين علتين مستقلتين في نفسهما ، ومثل هذه الجزئيّة غير منفية بالإطلاق ، لأنّ الترتب والعليّة بين الجزاء وكلتا العلتين محفوظ في هذه الحالة ، إذ الترتب بين الشرط والجزاء ، أعم من أن يكون الشرط علة واحدة أو علتين مقترنتين شكّلتا علة واحدة ، وشرطا فاردا.
وعليه ، فمن مجموع ما ذكرنا ، يظهر عدم تماميّة هذا التقريب الثالث.
٤ ـ التقريب الرابع : وفيه يراد إثبات أمور ثلاثة العلّية ، واللزوم والانحصار كما في التقريب السابق ، فالعلية ، واللزوم ، يثبتان بنفس ما ذكرنا في السابق ، وأمّا الانحصار ، فنثبته ببرهان آخر غير برهانه السابق ، وحاصله : هو أنّا نفرض انّ العلة الأخرى المحتملة ، لا تجتمع مع الشرط ، وفي هذا الفرض ، لم يمكن إثبات انحصار العليّة بالشرط بالتقريب السابق كما عرفت.
بينما هذا التقريب ، يدّعى فيه إمكان إثبات ذلك ، فيقال : لو كان لوجوب الإكرام علة أخرى غير المجيء ، وهو «الموت» مثلا ، فحينئذ يقال :
إن كان كل منهما علة مستقلة لشخص هذا الحكم ، فيلزم اجتماع علّتين مستقلّتين على شخص معلول واحد ، وهذا مستحيل ، كما عرفت في التقريب السابق ، بل إنّ هذا أوضح بطلانا في هذا التقريب.
والوجه فيه هو : إنّا نتكلم هنا عن علة أخرى محتملة لا تجتمع مع الشرط ، وحينئذ ، فكيف يعقل أن يكون الوجود الشخصي الناشئ من «مجيء زيد» هو بعينه الوجود الشخصي الناشئ من موته ، والمفروض انّ مجيئه وموته لا يجتمعان في زمان واحد ، إذن فالمحذور في هذا التقريب أشدّ منه في التقريب السابق.
وإن كان كل من الشرط والعلة الأخرى المفروضة جزء علة ، لا علة تامة ، فهذا أيضا باطل ، كما عرفت ، لأنه خلاف إطلاق ترتب الجزاء على