٢ ـ المقام الثاني : وهو في وضع تفسير نظري لتمام هذه الوجدانات.
أمّا بالنسبة للوجدان الأول والثاني ، فقد اعترف بهما المحققون المتأخرون ، وهذا ما جعلهم أمام مشكلة التوفيق بينهما ، باعتبار انّ ذلك لا يتلائم مع مبناهم ، لأنّهم يرون انّ ضابط المفهوم ، هو دلالة الجملة الشرطيّة على اللزوم العلّي الانحصاري ، وحينئذ ، فإن كان هذا اللزوم العلّي الانحصاري مأخوذا في مدلول الجملة الشرطيّة وضعا ، فيصدق الوجدان الأول ، لأنّ لازم ذلك ، هو ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة ، إلّا انّ هذا يكذّب الوجدان الثاني ، لأنّه إذا فرض انّ اللزوم العلّي الانحصاري مأخوذ في مدلول الجملة الشرطيّة وضعا ، فلازمه ، انّه إذا استعملت الجملة الشرطيّة في مورد ، ولم يكن لها مفهوم من جهة عدم دلالتها على اللزوم مثلا ، لكان هذا الاستعمال لها مجازي ، لأنّ اللزوم ، داخل في ما هو الموضوع له ، والالتزام بالمجاز في ذلك ، تكذيب للوجدان الثاني.
وأمّا إذا لم يكن اللزوم العلّي الانحصاري مأخوذا في مدلول الجملة الشرطيّة وضعا ، فحينئذ ، يصدق الوجدان الثاني ، لعدم لزوم المجاز فيما إذا استعملت الجملة الشرطيّة في غير اللزوم العلّي الانحصاري ، بحيث لم تكن دالة على المفهوم ، إلّا انّه يكذّب الوجدان الأول ، لأنّ الجملة الشرطية إذا لم تكن دالة على اللزوم العلّي الانحصاري الذي هو ضابط المفهوم ، فحينئذ ، لا تكون دالة على المفهوم ، وهذا تكذيب للوجدان الأول ، القاضي بثبوت المفهوم.
وباعتبار اعتراف المحققين المتأخرين بالوجدان الأول والثاني من ناحية ، وعدم ملائمة هذين الوجدانين مع مبناهم في كون اللزوم العلّي الانحصاري هو الضابط في مفهوم الجملة الشرطيّة من ناحية أخرى ، فقد وقعوا أمام مشكلة التوفيق بينهما ، وفي مقام حلّ هذه المشكلة ذكر اتجاهان.
١ ـ الإتجاه الأول : هو انّ هذه الخصوصيّات ، أي ، اللّزوم ، والعليّة ،