الشرطيّة وضعا ، فيبطل الوجدان الأول القاضي بثبوت المفهوم ، لأنّ ضابطه حسب الفرض ، هو ثبوت اللزوم العلّي الانحصاري ، وكون هذه الخصوصيّات مدلولة للجملة الشرطيّة ، فإذا فرض انّها غير مدلولة لها ، فلا وجه حينئذ لثبوت المفهوم.
وأمّا بناء على ما ذكرناه من ضابط المفهوم ، فلا تنافي بين هذين الوجدانين ، وذلك لأنّ ضابطه هو ، دلالة الجملة الشرطيّة على النسبة التوقفيّة مع توفر إطلاق الجزاء والإطلاق الأحوالي للتوقف ، والمفروض انّ هذين الإطلاقين قابلين للتقييد والتجزئة ، فيكون المفهوم قابلا لذلك ، ولا يلزم التجوّز ، باعتبار انّا لم نرفع اليد عن النسبة التوقفيّة التي هي المدلول الوضعي للجملة الشرطيّة ، كما مرّ تحقيقه.
وأمّا الوجدان الخامس ، القاضي بعدم ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة إذا كان جزاؤها جملة خبرية ، فهنا قد يقال : بأن أداة الشرط لها وضع نوعي واحد ، سواء بلحاظ الجملة الخبريّة ، أو الإنشائية ، وحينئذ ، فإن كانت النسبة التوقفيّة مأخوذة في مدلول الأداة ، فتكون الجملة الشرطية دالة على المفهوم ، سواء كان جزاؤها إخبارا أو إنشاء ، وإذا لم تكن مأخوذة في مدلولها ، فينبغي عدم دلالتها على المفهوم سواء كان جزاؤها إخبارا أو انشاء ، وبهذا يكذب الوجدان الأول. إذن لا بدّ من معرفة الفرق بين الجملة الخبريّة والإنشائيّة ، حتى قيل بثبوت المفهوم في الثانية ، وبعدم ثبوته في الأولى.
ولتحقيق الفرق بينهما ، لا بدّ وأن نرجع إلى ما ذكرناه مفصلا في بحث الوضع ، في مقام التفرقة ، بين مفاد الجملة الخبريّة ، ومفاد الجملة الإنشائيّة ، والتفرقة بين النسبة التامة ، والنسبة الناقصة ، ونذكر ذلك بنحو مجمل ، بحيث يتضح حل هذا الإشكال.
فنقول انّ النسبة على قسمين.