وجوب ختان الابن ، عند انتفاء الشرط ، وهو الرزق ، ففيه ، انّ هذا الانتفاء ، قهري ، سواء وجدت هناك أداة شرط ، أو لم توجد ، لأنّ انتفاء الشرط ، مساوق لانتفاء الموضوع حسب الفرض ، وإن أريد بالمفهوم ، نفي مصبّ أوسع من مصب التقييد بالشرط ، كما لو أريد نفي ختان أيّ ولد إذا انتفى الشرط المذكور ، ففيه ، ان هذا الانتفاء ، لا يدل عليه الكلام ، لأنّ التقييد بالشرط ، إنّما يقتضي انتفاء مصبّه عند انتفاء الشرط ، ولا يقتضي أكثر من ذلك.
نعم لو كان التقييدان المذكوران عرضيّان ، بأن يكون مصبّ التقييد بالشرط ، هو وجوب الختان في نفسه ، لا وجوب ختان الابن ، كما لو قال ، «إذا رزقت ولدا فيجب الختان» ، ففي مثله ، يكون التقيدان عرضيان ، ولأجله ، يثبت المفهوم ، لكن لمّا كان التقييدان في قولنا ، «إذا رزقت ولدا فاختنه» ، طوليّين بالبرهان المتقدم ، يثبت حينئذ انّه لا مفهوم لمثل هذه الجملة كما تقدم لأنه خلاف الطولية بين التقييدين وممّا ذكرنا ، ظهر انّ كل جملة شرطيّة كان الشرط فيها مغايرا مع الموضوع ، يكون لها مفهوم ، من قبيل قولنا ، «إذا جاء زيد فاكرمه» ، وكل جملة شرطيّة كان الشرط فيها مسوقا لتحقّق الموضوع ، فلا مفهوم لها ، من قبيل قولنا ، «إذا رزقت ولدا فاختنه» ، وهناك جمل وسط بين هاتين الجملتين ، كما في قوله تعالى ، (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ،) فإنّ موضوع الحكم هو النبأ ، والشرط ، هو مجيء الفاسق به ، ومن الواضح انّ مجيء الفاسق بالنبإ ، هو إيجاد للنبإ ، فمن هذه الناحية ، تكون هذه الآية ، شبيهة بالجملة المسوقة لبيان تحقّق الموضوع ، باعتبار انّ تحقّق الشرط في الآية ، يحقق موضوع الحكم.
إلّا انّ تحقق هذا الموضوع ، غير منحصر بالشرط ، وهو مجيء الفاسق ، وذلك ، لإمكان أن يحقّق العادل هذا الموضوع ، وبهذا اختلفت الآية عن الجملة المسوقة لبيان تحقق الموضوع ، باعتبار انّ الشرط ، وهو الرزق ، في تلك الجملة ، هو المحقق الوحيد للموضوع ، وهو الولد ، ومن هنا كانت هذه الآية المباركة ، حدّ وسط بين الجملتين.