ولكنّ الصحيح ، هو ثبوت المفهوم فيها أيضا ، لأنّ التقييد بالشرط الذي يفيد النسبة التوقفيّة ، يقتضي انتفاء مصبّه إذا انتفى الشرط ، بحيث يكون التعليق مفيدا لأمر لا يتحصل لولاه ، وهذا متوفر في المقام ، لأنّ انتفاء الشرط ، وهو مجيء الفاسق ، غير مساوق لانتفاء الموضوع ، كما هو الحال في الجملة المسوقة لبيان تحقق الموضوع ، أي جملة ، إذا رزقت ولدا فاختنه وعليه ، فالتعليق في الآية ، أفاد أمرا ، لا يتحصّل لولاه ، وحينئذ ، فإذا انتفى الشرط ، وهو مجيء الفاسق ، ينتفي وجوب التبيّن ، كما في صورة مجيء العادل بالنبإ. وهكذا يكون مقتضى إطلاق التعليق في الآية ، ثبوت المفهوم فيها أيضا.
٢ ـ التنبيه الثاني : وفيه نعالج ، إشكال كون المنتفي بالمفهوم ، هل هو ، مطلق الوجوب ، أو الوجوب المطلق ، حيث يقال : انّ المفهوم في قولنا : «إذا جاء زيد فاكرمه» هل يدل على انتفاء مطلق وجوب الاكرام ، بحيث إذا لم يجيء ، ينتفي أيّ وجوب إكرام له؟ ، أو انّه يدل على انتفاء الوجوب المطلق للإكرام؟ ، بحيث انّه إذا لم يجيء يكون المنفي هو الوجوب المطلق؟ ، وهذا لا ينافي ثبوت الوجوب المقيّد.
ومن هنا ، كان لا بدّ من وضع ميزان فني لبيان انّ المفهوم هل يقتضي انتفاء مطلق الوجوب ، أو الوجوب المطلق.
وبتعبير آخر يقال : انّه لا إشكال في انّ جملة الجزاء في الشرطيّة مطلقة ، فقولنا ، «إذا جاءك زيد فاكرمه» ، يدل على وجوب مطلق الإكرام لزيد إذا جاء ، وحينئذ ، يستشكل في دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم ، حيث يقال : انّ الجزاء المعلّق على الشرط إن كان هو وجوب مطلق الإكرام ، فغاية ما تقتضيه دلالة الجملة الشرطيّة على الانتفاء عند الانتفاء ، هو انتفاء هذا الوجوب ، وهذا لا ينافي ثبوت وجوب إكرام مقيّد له ، كالإكرام بنحو الضيافة مثلا ، وإنّما الذي ينافيه ، انتفاء مطلق وجوب الإكرام.