الذهنية ، وليس معنى ذلك ، انّه موجود في خارج النفس ، بل قد تكون خارجيّته بهذا المعنى ، وقد تكون بمعنى لا ينافي وجوده داخل النفس ، فمثلا ، كلمة «عالم» ، مدلولها بالذات ، هو مفهوم «العالم» ، ومدلولها بالعرض ، مصداق «العالم» ، وهذا المصداق ، موطنه الخارج ، أيّ خارج النفس ، لكن كلمة «لحاظ» مدلولها بالذات ، هو مفهوم كلمة «لحاظ» ، ومدلولها بالعرض ، واقع اللحاظ وهو مصداقه ، إلّا انّ هذا المصداق موطنه الذهن والنفس ، لا الخارج الواقعي.
فإذا عرفت المقصود من عالم الذهن ، وعالم الخارج ، نقول : إنّ النسبة ، تارة تكون بين المدلولين بالعرض ، أيّ بين مصداقي المفهومين ، من قبيل : «العصفور في القفص» ، فإنّ هذه النسبة قائمة بين مصداق عصفور ، ومصداق قفص ، كما هو واضح ، وحينئذ ، فيكون الموطن الأصلي لهذه النسبة هو ، الخارج بالمعنى الذي عرفته ، ومعه لا بدّ وأن تكون هذه النسبة ناقصة ، لأنّ كلّ نسبة كان موطنها الأصلي هو الخارج ، تكون ناقصة ، كما برهنّا عليه.
وتارة أخرى ، تكون النسبة بين نفس المفهومين ، من قبيل النسبة التصادقيّة في قولنا : «النار محرقة» ، فإنّ مفاد ذلك ، على ما تقدّم ، هو النسبة التصادقيّة ، بمعنى انّ ما يصدق عليه هذا المفهوم ، هو عين ما يصدق عليه ذلك المفهوم.
ومن الواضح انّ النسبة التصادقيّة ، نسبة قائمة بين المفهومين في عالم الذهن ، لا بين المصداقين ، لأنّ الذي يصدق ، هو المفهوم ، لا المصداق.
وعليه ، فيكون الموطن الأصلي لهذه النسبة ، هو الذهن ، ومعه تكون هذه النسبة تامة ، لما عرفت من انّ كلّ نسبة كان موطنها الأصلي هو الذهن ، تكون تامة.
إذا اتضح ما ذكرناه ، نأتي إلى محل الكلام ، وهو قولنا : «أكرم زيدا عند مجيئه» ، لإثبات انّ النسبة ناقصة في كلمة «عند مجيئه» ، فنقول : انّ النسبة التقييدية هنا ، القائمة بين ، وجوب الإكرام ، والمجيء ، إنّما هي قائمة