وحينئذ ، بناء على ثبوت المفهوم ، يقع التعارض بين منطوق كل من الجملتين مع مفهوم الأخرى ، لأنّ كلا من الجملتين إذا لوحظت في نفسها ، فهي تقتضي أن يكون شرطها علة تامة منحصرة بناء على ثبوت المفهوم ، ومن المعلوم ، انّه يستحيل كون كل من الشرطين المذكورين علة تامة منحصرة لوجوب القصر.
ومن هنا ، يقع التعارض ، بين منطوق كل منهما ، ومفهوم الأخرى ، وذلك فيما لو خفي الآذان ، دون أن تختفي الجدران ، أو العكس ، كما هو واضح.
وأمّا لو لم نقل بالمفهوم ، فلا تعارض حينئذ ، لأنّ غاية ما يستفاد من الجملتين ، هو انّ الشرط في كل منهما علة مستقلة للجزاء ، وهذا لا يوجب أيّ تعارض كما هو واضح ، فالتعارض في المقام ، إنّما نشأ من القول بالمفهوم.
وإن شئت قلت : إنّه إذا تعدّد الشرط واتحد الجزاء في جملتين شرطيتين ، بأن علّق حكم واحد على كل من الشرطين ، كما في قوله : «إذا خفي الأذان فقصّر» ، «وإذا خفيت الجدران فقصّر» ، فإنّه حينئذ ، يقع التعارض ، بين إطلاق المنطوق في كل منهما ، مع إطلاق المفهوم في الآخر ، وحينئذ ، لا بدّ ، إمّا من رفع اليد عن إطلاق المفهوم في كل منهما حيث يلتزم حينئذ بوجود علتين مستقلتين لوجوب التقصير ، وهذا رفع لليد عن الإطلاق المقابل «بأو» ، المثبت للانحصار ، أو رفع اليد عن إطلاق المنطوق لكل منهما ، المقابل للعطف «بالواو» ، فيثبت انّ مجموعهما علة واحدة لوجوب التقصير.
ورفع هذا التعارض يختلف باختلاف المباني في إثبات مفهوم الشرط ، وعليه ، فلا بدّ من استعراضها أولا ، لنعالج رفع التعارض على أساسها ثانيا.
١ ـ المبنى الأول : وهو الذي اختاره الميرزا «قده» (١) ، وقد تقدّم
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ـ ج ١ ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ـ المطبعة العلمية ـ ١٣٦٨ ه أجود التقريرات ـ الخوئي ج ١ ص ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ـ ٤٢٥.