مفهوم الاستثناء
الاستثناء ، تارة يعبّر عنه بمفهوم اسمي ، وأخرى يعبّر عنه بمفهوم حرفي ، فإن عبّر عنه بمفهوم اسمي ، فيكون الاستثناء حينئذ قيدا من قيود الموضوع أو المتعلق ، سواء كان الاستثناء من إيجاب ، كما في قولنا : «اكرم العالم غير الفاسق» ، أو كان من سلب كما في قولنا : «لا يجب إكرام العالم غير العادل» ، فإنّ الاستثناء فيهما قيد من قيود موضوع الحكم أو المتعلق.
ولا إشكال ، في عدم المفهوم لهذا النوع من الاستثناء ، لأنّه بحسب الحقيقة يرجع إلى الوصف ، بل هو هو حقيقة حيث يدل على توصيف المفهوم الإفرادي وتحصيصه بقسم خاص ، فيلحقه حينئذ الحكم الذي ذكرناه لمفهوم الوصف.
وإن عبّر عنه بمفهوم حرفي وبما هو نسبة اقتطاعية ، كما لو عبر عنه «بإلّا» ، فإنّه حينئذ ، إمّا أن يكون الاستثناء من السلب ، وإمّا أن يكون من الإثبات ، فإن كان من الأول ، كما في قوله : «لا يجب تصديق المخبر إلّا الثقة» ، فلا إشكال في ثبوت المفهوم فيه ، فإنّ هذا هو معنى قولهم ، الاستثناء من السلب إثبات ، فيدل حينئذ على وجوب تصديق المخبر الثقة ، وإن كان من الثاني ، كقوله : «أكرم العلماء إلّا الفساق» ، فإنه حينئذ ، هل يكون الاستثناء من الإيجاب سلبا ليثبت المفهوم فيه أيضا ، أم انّه لا يكون كذلك ، فلا يثبت له مفهوم؟.