الحج» دون أن يتعرض إلى فعليّة الوجوب وعدم فعليّته ، حينئذ يقال : إنّ التعارض عبارة عن التنافي بين مفاد دليلين من الأدلّة ، أي : بين الجعلين على نحو القضية الشرطيّة ، فمتى ما امتنع اجتماع الجعلين أي : المرتبتين من الحكم ، أي : مرتبتي الجعل ، إذن فسوف يحصل التكاذب بينهما ، وهو المسمّى بالتعارض.
وأمّا إذا فرض أنّه لا تناف بين الجعلين بما هما جعلان ، ولكن التنافي بين فعليّة هذه المشروطة ، وهذه المشروطة ، حينئذ لا يحصل تناف بين الخاطبين بسبب التنافي بين المجعولين ، لأنّ التنافي إنّما هو في مرحلة الجعل «المرحلة الأولى».
والخلاصة هي : إنّ التعارض هو التكاذب بين الخطابين ، وميزانه هو التنافي بين الجعلين ، أي : مرتبة القضية المشروطة ، فمتى كان تناف بين القضيتين المشروطتين ، بما هما مشروطتان ، حينئذ يحصل التكاذب بين الخطابين ، ومتى لم يكن تناف بين الجعلين والمشروطتين ، وإنما كان التنافي بين فعليّة هذه المشروطة ، وفعليّة هذه المشروطة ، حينئذ يقع التنافي بين الجعلين أيضا بناء على عدم الترتب ، ومثاله ما لو قال المولى : «إذا أمطرت السماء يجب عليك القيام» ثم قال في خطاب آخر : «إذا أمطرت السماء يحرم القيام عليك» ، فكلتا القضيتين موجودتان بنحو القضية الشرطية ، ففي المرحلة الأولى يقع التنافي بين المشروطتين.
ومثال الثاني أن يقول المولى : «إذا أمطرت السماء يحرم القيام» ، ثم يقول في خطاب آخر : «إذا لم تمطر يجب القيام» ، فهنا قضيتان مشروطتان ، لا تناف بينهما بما هما مشروطتان وإنما التنافي بينهما في المرحلة الفعليّة إذ يستحيل اجتماعهما فيها ، وهذا ليس تعارضا بين الدليلين.
ب ـ النقطة الثانية التمهيدية ، هي : إنّ التزاحم هو التنافي بين الحكمين الإلزاميين اللّذين يمكن للمكلف امتثال كل منهما إذا ترك الآخر