يقال بلزوم تقديم الأسبق زمانا ، وذلك تمسكا بإطلاق خطابه لإثبات فعليّته وتنجزه ، لأنّ المقيّد اللّبّي الذي تقدم معنا ، لا يقتضي التقييد بأكثر من الاشتغال بواجب مساو أو أهم عرضيا كان أو طوليا ، وحينئذ هذا المقيّد لا ترفع اليد عنه إلّا بمقدار انحفاظ القدرة عليه في ظرفه ، وذلك كما يقال في الترجيح بالأهميّة الاحتمالية ، إذ لا يكون الإطلاق في الخطاب الأسبق ، لغوا حينئذ ، وانّما هو من أجل الاحتياط والتحفظ على أحد الملاكين في كل حال.
هذا تمام الكلام في المرجحات في باب التزاحم ، وقد اتّضح بهذا ، رجوعها كلها الى باب الورود.
وعليه ، فإن تمّ شيء من هذه المرجحات في مورده ، تعيّن تقديم ذي المرجّح بقانون الورود على فاقد المرجّح.
وإلّا كان المتعيّن ـ بناء على إمكان الترتب ـ هو العمل بالتخيير ، لتساوي الواجبين المتزاحمين في مقام الامتثال.
ـ الجهة الثانية هي : إنّه ما هو التكليف؟
وبعبارة أخرى ، يقال : إنّه بعد أن عرفنا مرجّحات باب التزاحم في الجهة الأولى نتكلم في الجهة الثانية ـ على فرض انعدام المرجحات ـ على حكم التزاحم ، أو التكليف في هذه الحالة.
أو فقل : إنّنا نبحث في هذه الجهة ، عن حكم التزاحم ، أو التكليف ، عند انعدام المرجح.
وممّا لا إشكال فيه عندهم ، عدم التساقط حين فقد المرجحات ، كما في باب التعارض ، باعتبار فعليّة كلا الملاكين ، إذ ما دام الملاكان موجودين في الجملة ، فلا داعي للتساقط. وإنما وقع الكلام بعد الفراغ ، عن عدم إمكان التساقط والحكم بالتخيير. وقع الكلام في أنّ هذا التخيير ، هل هو عقليّ أو شرعيّ؟ ويقصدون بالتخيير الشرعي : وجود خطاب واحد متعلق