بناء على جواز الاجتماع وعدم المندوحة وحينئذ يبحث ، بأنّه مع كون النهي أهم ملاكا ، لم يعقل إطلاق الأمر في مورد النهي ، لأنّه يلزم من ذلك التكليف بغير المقدور.
ولكن هل يمكن بقاؤه بنحو الترتب كما لو قال : «إذا غصبت فصلّ» أم إنّه لا يمكن ذلك؟.
ولنا حول هذا التقسيم ملاحظتان عامتان :
١ ـ الملاحظة الأولى هي : إنّ الميرزا «قده» ، قيّد التزاحم في هذا التقسيم بأن يكون التضاد بين متعلقيهما اتفاقيا ، كما ذكر ذلك في القسم الأول (١) والثاني والثالث ، حيث قال في الأول : العجز عن الواجبين الحاصل اتفاقا.
وقال في الثاني : فيما إذا وقع التزاحم اتفاقا. وقال في الثالث : إذا وقع التلازم بين المتضادّين اتفاقا.
وهذا يعني إخراج ما لو وقع التزاحم دائميا كما لو فرض أن كان التضاد بين الواجبين دائميا ، فإنّه يخرج عند الميرزا «قده» عن التزاحم ، ويدخل في التعارض ، وإنّما يدخل في التزاحم فيما لو كان التضاد اتفاقيا.
وتحقيق الحال في هذا هو أن يقال : إنّ التضاد المفروض كونه دائميا ، إمّا أن يفرض أنّ الضدّين فيه لا ثالث لهما ، وحينئذ لا إشكال في وقوع التعارض بين دليلي وجوبيّ هذين الضدّين ، إذ لا يعقل اجتماعهما ، لا على الإطلاق ، ولا مشروطا.
أمّا عدم معقولية اجتماعهما على الإطلاق فواضح ، لأنّ إطلاقهما معا يوجب الجمع بين الضدّين اللّذين لا ثالث لهما ، وهو باطل ، كما أنّ وجوبهما ولو مشروطا غير معقول ، إذ في فرض ترك ذاك يتعيّن الآخر
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ١٨٦ ـ ١٨٧.