سائر المفاهيم الأخرى التي لها أفراد متعددة ، من حيث انّه لا يمكن أن يرى بها كثرات متعددة ، بل يرى بها نفس طبيعة الكثرة ، إلّا انّها بإضافتها إلى مفهوم آخر تفصيلي كمفهوم «العالم» مثلا ، فإنّها ترينا أفراد ذلك المفهوم ، فإنه بالإضافة إليها ، يستفاد كثرة ذلك المفهوم التفصيلي وأفرادها ، فإذا قيل «أكرم كل عالم» ، فهنا مفهوم «عالم» لا يرينا إلّا ذات طبيعة العالم ، ومفهوم «كل» ، يرينا طبيعة الكثرة والاستيعاب ، فإذا أضيف «كل» إلى «عالم» ، تكون حاكية عن أفراد مفهوم «العالم» ومستوعبة لها ، وحينئذ ، يكون الأصح هو : أن يقال : بأنّ العموم هو استيعاب مفهوم لأفراد مفهوم آخر ، ولا يصح ما ذكره في الكفاية ، من أنّ العموم هو ، استيعاب المفهوم لجميع أفراد نفسه أو ما يصلح انطباقه عليه.
نعم يمكن أن يقال : بأنّه لو لوحظ المفهومان كمفهوم واحد مسامحة ، أمكن انطباقه على التعريف المذكور.
ب ـ الوجه الثاني : هو أن يكون المقصود من استيعاب المفهوم لأفراد نفسه ، نسبة استيعابية في مرحلة المدلول اللفظي ، قائمة بين المفهوم وأفراده ، كما في قوله : «أكرم العلماء» ، فإنّ هذا يستدعي دوالا ثلاثة في مرحلة اللفظ هي : مادة العلماء ، الدالة على طبيعة العالم ـ وهيئة الجمع ، الدالة على الأفراد بالجملة لدلالتها على الثلاثة فصاعدا واللّام الدالة على النسبة الاستيعابية بينهما ، كما هو الحال في كل معنى اسمي كما سيأتي توضيحه عند الكلام عن الجمع المحلّى باللام ـ بناء على إفادته العموم ـ ولذلك يختص هذا الوجه من تفسير العموم ، بنحو المعنى الحرفي لا الاسمي ، فإنّه إذا كان الاستيعاب مفادا بنحو المعنى الاسمي كما في «كل ، وجميع ، وكافة» ، فإنّه يكون ذاتيا للمفهوم المستوعب ، كما في «كل عالم» ولا يحتاج إلى أكثر من دالين ، وهما «كل ، وعالم» ، وأمّا إذا كان الاستيعاب مفادا باللّام ، فلا يكون ذاتيا ، ويحتاج إلى دال ثالث وهو ، اللّام في قوله : «أكرم العلماء» ، كما ستعرف توضيحه في بحث دلالة الجمع المحلّى باللّام على العموم وعدمه.
فالصحيح هو ، أن يقال في تعريف العموم : إنّه عبارة عن استيعاب