وأمّا فيما يعود للتفريق بين المجموعي والاستغراقي ، فكما عرفت من أن أفراد الطبيعة إذا حولت إلى مركب ثم تعلّق بها الحكم فالعموم يكون مجموعيا وإلّا فاستغراقيا كما مرّ معنا ، والخلاصة : هي أن هذه الأقسام متصورة للعام بما هو عام ثبوتا ، فالبدلية في قولك : أيّ عالم ، والشمولية في قولك : كل عالم ، مستفادتان من أداة العموم لا من مدخولها ، فإنّه واحد فيهما.
٤ ـ النقطة الرابعة : وهي في دفع توهم ، إنّ الأعداد من ألفاظ العموم ، حيث أنّه ربّما يتصور أن أسماء الأعداد كعشرة من حيث استيعابها لما تحتها من الوحدات ، تكون من أدوات العموم. وقد حاول صاحب الكفاية (١) (قده) دفع هذا التوهم ، بأن العموم هو استيعاب الأفراد ، لا الأجزاء ، والوحدات في أسماء العدد أجزاء لها لا أفراد. وبتعبير آخر يقال : إن لفظ العدد ـ كعشرة ـ تارة يلحظ بما هو مضاف إلى طبيعي الرجل كما لو قيل ـ عشرة رجال ـ فإن لفظ عشرة لا يستوعب طبيعي الرجل بما له من أفراد ، بل تأخذ مقدارا منه ، وبهذا اللحاظ لا يأتي التوهم ، لأن عدم تحقق الاستيعاب واضح ، وأخرى يلحظ بما هو مضاف إلى وحداته ، وحينئذ ، تكون العشرة مستوعبة لوحداتها بلا شك في ذلك.
وبهذا اللحاظ قد يقال : إنّ العشرة ونحوها من ألفاظ العموم ، وقد يجاب على ذلك فيقال : بأن هناك فرقا بين أداة العموم ولفظ العشرة ، حيث انّ أداة العموم تقتضي استيعاب المفهوم للأفراد ، بينما استيعاب العشرة لوحداتها استيعاب للأجزاء لا للأفراد ، حيث انّ كل وحدة جزء لها ، وليست فردا لها.
لكن هذا الجواب غير تام. لأن أداة العموم كما تصلح للاستيعاب الأفرادي ، فهي كذلك تصلح للاستيعاب الأجزائي حيث يصح أن يقال :
__________________
(١) كفاية الأصول ـ ج ١ ـ ص ٢٣٢.