فهنا نقول : الأصل عدم القرينة على التخصيص ، وذلك لنكتة كاشفة كشفا نوعيا عن عدم القرينة ، وهذه النكتة هي ، نفس ظهور العام في العموم ، لأنّ ظهوره فعليّ مستقر ، يدل على جديّة المولى في تمام مدلول خطابه ، وهذا الظهور إمارة عقلائية تنفي المخصص ، والمقام ليس من باب الحالة الأولى ، ولا الثانية ، لأنّ الشك في المخصص هنا لم ينشأ من احتمال الغفلة ليدخل في الأولى ، بل نشأ من جهة الجهل باللغة ، والجهل ليس الأصل عدمه في العقلاء ، إذ ما أكثر الجهّال ، كما أن المشكوك هنا على تقدير وجوده فهو متصل وليس منفصل ، فلا يدخل في الحالة الثانية ، وعليه فلا تجري اصالة عدم القرينة في المقام.
٢ ـ الفرع الثاني : هو ما إذا كان المخصص المجمل مفهوما متصلا ، وكان أمره دائرا بين المتباينين ، كما في قوله «أكرم كلّ فقير ، ولا تكرم الموالي» ، وتردّد لفظ المولى بين معنيين متباينين ، إمّا ابن العم ، وإمّا العبيد. والبحث عن جواز التمسك بالعام في هذا الفرع يقع في ثلاث نقاط.
١ ـ النقطة الأولى : هي أنّه ، هل يجوز التمسك بالعام في كلا محتملي المخصّص ، وهما «العبد ، أو ابن العم» مثلا ، باعتبار أنّ كلا منهما ، لو لوحظ بنفسه فلا نقطع بخروجه بالتخصيص ، أم لا؟.
٢ ـ النقطة الثانية : هي أنه ، بعد الفراغ عن عدم إمكان التمسك بالعام في كلا محتملي المخصص ، حينئذ هل يجوز التمسك بالعام بلحاظ أحد المحتملين دون الآخر؟ ولو فرض عدم إمكان ذلك أيضا ، ننتقل إلى النقطة الثالثة.
٣ ـ النقطة الثالثة : هي أنه بعد فرض عدم تماميّة الثانية ، هل يجوز التمسك بالعام لإثبات حكمه لأحدهما على سبيل الإجمال ، على نحو يتشكل لدينا علم إجمالي بعد ذلك في وجوب إكرام أحدهما؟.
أمّا النقطة الأولى : وهي التمسك بالعام لإثبات الحكم لكلا المعنيين المحتملين ، فهذا أمر غير معقول.