تارة ، أقرأ كل كتاب ، ويقال أخرى ، اقرأ كل الكتاب كما هو واضح فالعموم كما عرفت هو الاستيعاب وهو كما يكون بلحاظ الأفراد يكون بلحاظ الأجزاء.
ولكنّ الصحيح في الجواب أن يقال : إنه بناء على ما تقدم من أن العموم هو ما دل على استيعاب أفراد مفهوم آخر ، فمن الواضح حينئذ ان أسماء العدد لا تدل على استيعاب أفراد مدخولها ، بل على استيعاب أفراد نفسها ، فالتعريف لا يكون منطبقا في المقام وأمّا بناء على عدم اعتبار ذلك في التعريف ، فإنه أيضا لا تكون أسماء الأعداد من العموم لأنها لا تدل على الاستيعاب أصلا ، بل تدل على مفهوم مركب هو العدد ، مهما كانت حقيقته ، نظير سائر المركبات التي لا يتوهم كونها من العموم في شيء. أمّا حيثية شمول كل عدد لما يحتوي عليه من الوحدات فهي حيثية واقعية في ذلك المفهوم المركب ، لا ان الاحتواء والاستيعاب مدلول للفظ كما هو الحال في أدوات العموم ، ويشهد لذلك ، دخول أدوات العموم عليها كما تدخل على سائر الطبائع ، فيصح أن تقول : أكرم كل عشرة من العلماء ، دفعة واحدة ، كما تقول : أكرم كل رجل ، وأكرم كل العشرة ، واقرأ كل السورة.
والخلاصة هي أنّ الصحيح أن يقال : إنه بناء على ما سلكناه في تعريف العموم ، يكون دفع التوهم واضحا ، لأنه في الأعداد لا يوجد مفهومان ، أحدهما مستوعب ، والآخر مستوعب ليشمله التعريف. وأمّا بناء على مسلك صاحب الكفاية (قده) في تعريف العموم ، فإن دفع التوهم أيضا واضح ، لأن الاستيعاب الذي يكون عموما ، هو الذي يكون ثابتا في مرحلة المدلول اللفظي للكلام إمّا بنحو المعنى الاسمي ، وإمّا بنحو المعنى الحرفي كما عرفت سابقا.
وحينئذ يقال : إنّ عدد عشرة ، وإن كان مستوعبا لوحداته ، إلّا أن هذا الاستيعاب حكم واقعي للعشرة وليس مدلولا للفظ عشرة.
وعليه : فلا ينطبق تعريف العموم عليه حينئذ.
٥ ـ النقطة الخامسة : هي انّ العموم والاستيعاب ، تارة يكون بلحاظ