الأجزاء ، وأخرى يكون بلحاظ الأفراد فهي موضوعة في المقامين لمعنى واحد هو واقع الاستيعاب ولكن الطبع الأولي لأداة العموم المسمّاة ، كل ، هو الاستغراق الأجزائي ، لأن كل ، تدل على استغراق تمام الطبيعة المدخولة لها. وبما أن أجزاء الطبيعة ألصق بها من أفرادها ، لأن وجدانها لأجزائها أمر ذاتي ، بينما وجدانها لأفرادها أمر يحتاج إلى نظر ، حينئذ يكون مقتضى الطبع الأولي لها كون الاستغراق فيها أجزائيا ، وحينئذ ، فصرفه إلى الاستغراق الأفرادي يحتاج إلى قرينة ، ويؤيد ذلك ، إن ما يقابل لفظ كل ، هو لفظ بعض ، وبعض لفظة واضحة في التجزئة ، فتكون دالة إذن على الاستغراق الأجزائي ، لكن هناك ظاهرة ملحوظة في موارد استعمال ، كل ، وهي انه إذا كان مدخولها معرفا أفادت الاستيعاب الأجزائي ، كما في قوله : اقرأ كل الكتاب ، أو كل السورة ، وأمّا إذا كان مدخولها نكرة ، أفادت الاستيعاب الأفرادي كما في قوله : اقرأ كل كتاب ، وهذا الظهور لا إشكال فيه ، وإنما الكلام في تخريجه وتفسيره.
وقد ذكر المحقق العراقي (١) (قده) تفسيرا عرفيا لذلك الظاهرة.
وحاصلها هو : إنّ الأصل في «اللّام» ، أن تكون عهديّة ، والعهديّة مساوقة للتعيّن والتخصّص ، بحيث إذا قيل ، «اقرأ كل الكتاب» ، يتبادر إلى الذهن ، الكتاب المعهود ، وهذا ينافي الاستغراق الأفرادي ، فيتعيّن أن يحمله الذهن على الاستيعاب والاستغراق الأجزائي ، وأمّا إذا لم توجد «اللّام» كما في قوله : «اقرأ كل كتاب» ، فلا مانع من توجه الاستغراق إلى الأفراد.
والظاهر من كلام المحقق العراقي (قده) هنا ، كأنّه فرض أن استيعاب الأفراد هو الأصل في لفظة «كل» ، وإنّما يصرف إلى استيعاب الأجزاء ، بواسطة دخول «اللام».
وما ذكره المحقق العراقي (قده) غير تام : لأنّه إن قصد بالعهديّة ،
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٤٦ ـ ١٤٧.