المتصل المجمل مفهوما والدائر بين المتباينين ، وبين المخصص المنفصل المجمل مفهوما كذلك ، لأنّ المتصل يهدم أصل ظهور العام بمقداره ، بينما المنفصل المذكور ، يهدم حجيّة ظهور العام بمقداره أيضا.
والآن يسأل : انّه هل يوجد فرق عملي بينهما أيضا أم لا يوجد؟
يمكن أن يقال : بأنه لا فرق عملي بينهما ، إذ قد عرفت سابقا بأنّه لا يجوز التمسك بالعام لإثبات حكمه لكلا الفردين ، ولا لأحدهما بعنوانه التفصيلي ، وإنّه يجوز التمسك بالعام فيهما لإثبات حكمه على عنوان «غير ما خرج بالتخصيص» بعنوانه الإجمالي ، سواء كان المخصص متصلا أو منفصلا.
ولكن مع هذا ، يمكن أن نذكر فارقين عمليين في أثرين فقهيّين ، أحدهما مقبول ، والآخر قابل للمناقشة :
١ ـ الفارق العملي الأول : هو ما إذا كان عندنا عام ، ومخصص مجمل مفهوما مردد بين متباينين ، ثمّ جاءنا مخصّص منفصل تفصيلي غير مجمل ولا مردد ، بل تعيّني في أحد طرفي ذلك المخصص الإجمالي ، كما إذا قال : «أكرم كلّ فقير» ، ثم ورد مخصص مجمل يقول : «لا تكرم زيدا الفقير» ، وتردّد أمر زيد بين زيدين ، ثم ورد مخصص تفصيلي آخر. يقول : «لا تكرم زيدا الثاني». إذن فمورد هذا المخصّص الأخير هو أحد فردي المخصّص الإجمالي الأول.
وحينئذ يقال : إنّ الصناعة تقتضي الفرق بين ما إذا كان المخصص المجمل متصلا ، وبين ما إذا كان منفصلا ، فإذا كان المخصص المجمل منفصلا ، فحينئذ ، يصح التمسك بالعام في غير مورد المخصص المنفصل الثاني ـ أي في زيد الأول الذي لم يشمله هذا المخصّص ـ وذلك لأنّ العام ، لمّا لم يتصل به المخصص ـ حسب الفرض ـ انعقد له ظهور في كل من الفردين ، زيد الأول ، وزيد الثاني ، ثم إنّه لمّا جاء المخصّص المجمل المنفصل الدائر أمره بين المتباينين ، وقال : «لا تكرم زيدا» ، المردّد بين