زيدين ، فهذا المخصص يزاحم مع حجيّة ظهور العام ، باعتبار انّه يشكّل علما إجماليا بأنّ أحد الفردين خارج عن العام ، وهذا العام الإجمالي أوجب سقوط الحجيّة في كل من الفردين ، كما تقدّم تفصيله ، لكن لمّا جاء بعده المخصص التفصيلي الثاني وعيّن خروج أحد الفردين بعينه ، بقوله : «لا تكرم زيدا الثاني» ، فحينئذ ، ينحل ذلك العلم الإجمالي بهذا العلم التفصيلي ، وهو خروج زيد الثاني عن العموم ، ومن المعلوم أنّه متى ما حصل علم إجمالي بأحد شيئين ، ثم حصل علم تفصيلي بأحدهما المعيّن ، فإنّه ينحل هذا العلم الإجمالي ، ومع انحلاله ، نشك بدوا في خروج الفرد الآخر ، ومعه لا مانع من التمسك بظهور العام في زيد الأول ، لأنّ المقتضي ـ وهو الظهور ـ موجود ، والمانع مفقود ، أمّا وجود المقتضي ، فهو أصل الظهور ، وهو هنا فعليّ في كلا الزيدين ، باعتبار أنّ المخصص الإجمالي منفصل ، فلا ينهدم به أصل الظهور ، وأمّا عدم المانع ، فلأنّ المانع عن التمسك بظهور العام في الشمول لزيد الأول ليس إلّا التعارض الناشئ من العلم الإجمالي بكذب الظهور في أحدهما ، والمفروض انحلال هذا العلم الإجمالي ، إذن ، فلا تعارض في الحجية بين الظهورين ، وحينئذ ، يصح التمسك بالعام لوجوب إكرام زيد الأول.
وأمّا إذا فرض كون المخصص المجمل متصلا بالعام ، كما إذا ورد : «أكرم كلّ فقير» ، ولا تكرم زيدا الفقير ، بنحو الاتصال ، ثم ورد مخصص تفصيلي يقول : «لا تكرم زيدا الثاني ، فهنا لا يمكن التمسك بالعام لإثبات حكمه لزيد الأول ، لأن المقتضي لهذا التمسك غير موجود ، وذلك ، لأنّ المخصص المجمل ، وإن انحل بالعلم التفصيلي ، ولكن المفروض ان أصل المقتضي ، وهو أصل الظهور ، غير محرز ، لأن المخصص المتصل يوجب سقوط أصل الظهور في مورده ، وهذا معناه ، إنّ أصل انعقاد ظهور العام في وجوب إكرام زيد الأول مشكوك فيه من أول الأمر ، ومعه لا يصح التمسك بالعام لإثبات حكمه بوجوب الإكرام لزيد الأول ، فإنه يحتمل أن يكون المراد بالمخصص المجمل هو زيد ، والعلم التفصيلي ، بعدم وجوب إكرام زيد