وبهذا يتضح أيضا أنّه لا فرق بين المخصّص المتصل والمنفصل ، إذن فهذه الثمرة غير تامة.
٢ ـ الفارق الثاني : وفيه نفرض أيضا ثلاثة عناصر ، الأول : العام ، مثل «أكرم كل فقير» ، والثاني : المخصص المجمل مفهوما ، مثل ، «لا تكرم زيدا ، المردّد أمره بين زيدين» ، أي بين المتباينين ، والثالث ، وجود عام آخر معارض للعام لا مخصص تفصيلي .. بمعنى أنّا نعلم إجمالا بأنّ زيدا الثاني ، أمّا كبير ، فهو خارج من تحت عموم «أكرم كلّ فقير» ، وإمّا فقير ، فهو خارج من تحت عموم «استحباب السلام على كلّ كبير».
وحينئذ ، إذا فرضنا انّ العنصر الثاني ـ أي المخصّص المجمل كان منفصلا ، إذن سوف يكون عندنا تعارضان ثنائيّان ، الأول هو : التعارض الذي نشأ من شمول العام في «أكرم كل فقير» ، لزيد الأول ، ومن شموله لزيد الثاني ، وهذا تعارض بين ظهورين فعليّين راجعين لدليل واحد ، والتعارض الثاني هو ، تعارض نشأ من العلم الإجمالي بين شمول العام الأول لزيد الثاني ، وشمول العام الثاني ، لزيد الثاني ، وهذا تعارض ثنائي بين دليلين فعليّين مستقلّين ، وبما أنّ مقتضى القاعدة في باب التعارض هو التساقط ، إذن ، فلا تكون دلالة العام الأول على وجوب إكرام زيد الأول حجة ، ولا تكون دلالة العام الثاني على وجوب إكرام زيد الثاني حجة ، ولا دلالة العام الآخر على وجوب السلام على زيد الثاني حجة ، لأنّ هذه الظهورات كلها فعليّة ، وقد حصل علم إجمالي بالتكاذب بينها ، فتتساقط ، هذا فيما إذا فرضنا أنّ المخصص كان منفصلا.
وأمّا إذا فرضنا انّ المخصص الإجمالي كان متصلا بالعام ، كما لو قال : «أكرم كل فقير ، ولا يجب إكرام زيد الفقير» ، وتردّد أمر زيد ، بين زيد الأول ، وزيد الثاني ، وعندنا عام آخر يقول : «ابدأ بالسلام على كلّ كبير». ونعلم انّ زيدا الثاني خارج عن أحد العامين ، حينئذ ، في مثله ، لا موجب لسقوط العام الثاني عن الحجيّة في زيد الثاني ، لأنّ طرف المعارضة معه ـ وهو العام الأول