على أن الأفراد ملحوظة. ومن هنا نرى أن استيعاب الأفراد ملازم لهذه النكتة ، وهي انه لو لا أداة العموم لكان الإطلاق بدليا ، وأداة العموم كما تصلح للاستيعاب الأجزائي. كذلك هي تصلح للاستيعاب الأفرادي. ومن هذا يعرف أن دخول كل على الجمع أو ما هو بحكمه ، كما في اسم الجمع يمكن أن يكون العموم فيه باعتبار استيعابه لتمام أجزاء المدخول. بحيث تكون مراتب الجمع أجزاء فيه ، ويمكن أن يكون باعتبار استيعابه لتمام أفراد المدخول ، ولكن لا يبعد أن يكون الأول هو الأظهر فيه كما هو الحال فيما إذا دخل على اسم العدد المعرف ، من قبيل كل العشرة.
ودعوى ان هذا ينافي صحة استثناء أحد الأفراد كما في قوله. قرأت كل الكتب أو الكتب العشرة إلّا هذا الكتاب ، وعدم صحة أن يقال : إلّا هذا الجزء من الكتاب ، ممّا يعني أن الاستيعاب أفرادي لا أجزائي. هذه الدعوى مدفوعة ، بأن يقال : بأن أجزاء العشرة أو الجمع بما هو جمع إنما هو مراتبه لا أجزاء آحاده ، والمفروض ان المدخول هو الجمع بما هو جمع. نعم لو دخل كل على المثنى كما في قولك : قرأت كل الكتابين أو كل هذين الاثنين ، كان ظاهرا في استيعاب أجزاء كل منهما لعدم مناسبة الاثنين مع التكثر والاستيعاب. فيكون هذا بنفسه قرينة على النظر إلى أجزاء كل منها.
٢ ـ الجهة الثانية : في أدوات العموم :
والبحث فيها يقع في مقامين :
١ ـ المقام الأول : في أسماء العموم.
٢ ـ المقام الثاني : في سنخ العموم الذي تدل عليه.
وأمّا المقام الأول : فإن أول أدوات العموم لفظة «كل» وهي ممّا لا ينبغي الإشكال في دلالتها على العموم ، خلافا لشك بعض (١) قدماء الأصوليين.
__________________
(١) لاحظ ـ زبدة الأصول ص ٩٠ ـ ٩١ ـ المنخول ـ للغزالي ـ ص ١٣٨ ـ ١٤٥ ـ الرسالة ـ ٥٢ ـ ٥٣ ـ السرخسي ـ ج ١ ـ ص ١٢٥ ـ التبصرة ص ١٤٠ ـ الإحكام للآمدي ص ١٨٥ اللمع ج ١ ص ٣٣٥