لأن الوجوب بما هو فقير ممّا يكذبه المخصّص المعلوم الذي عنون موضوع العام ، وإن قلتم بالثاني ، فهو صحيح لا يكذبه المخصّص ، لكن لا يقتضيه العام ، بناء على اختيار النظرية الثانية ، إذ بناء عليها ، يكون العام دالا على وجوب إكرام الفرد المشكوك بما هو فقير فقط.
وبهذا يثبت مراد الميرزا (قده) من عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
والمظنون انّ مدرسة الميرزا (قده) ، عند ما ادّعت الوجدان على بطلان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، كانت تضمر اختيار النظرية الثانية وتريدها ، وإلّا لما تمّ مطلبها.
وأمّا لو اخترنا النظرية الأولى في المقام ، فحينئذ يمكن القول ، بأنّه يصح التمسك بالعام لإثبات وجوب إكرام زيد بما هو فقير عادل ، وهذا أمر لا يكذبه المخصص ، ولا يأباه العام. أمّا أنّه لا يكذبه المخصص ، فواضح ، إذ لعلّه عادل ، والمخصص لا يأبى أن يكون عادلا ، وأمّا أنه لا يأباه العام. فلأنّ العام مفاده صبّ الحكم على هذا الفرد كيفما اتفق ، إذن ، فالمقتضي موجود ، والمانع مفقود.
والصحيح هو ، إنّ النظرية الثانية قابلة للبطلان ، فإنّ دلالة العام على العموم بمقدار شمولها «لزيد» لا تقتضي أكثر من أنّ هناك وجوب تعلّق «بزيد» بما هو فقير ، وأمّا خصوصية كونه فقير فقط ، أو فقير عادل ، أو عدم ذلك ، فإنه أمر يعرف من غير ناحية العام ، بل من دليل آخر.
وعليه ، فبرهان الميرزا (قده) ، على عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة موقوف على مطلبين.
الأول منهما تام دون الثاني.
٥ ـ الصيغة الخامسة : وهي في تحقيق الوجه الصحيح في عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.