والكلام المشهور للميرزا (قده) ، والجدل الذي وقع بينه وبين القائلين باستصحاب العدم الأزلي ، هو ناظر إلى الموضع الأول ، كما انّ ما ذكره الميرزا (قده) من البرهان على عدم جريان استصحاب العدم الأزلي ، إنّما يصبّ في الموضع الأول دون الموضعين الأخيرين.
والمحقق العراقي (قده) ، أيضا منع من جريان استصحاب العدم الأزلي ، لكن على تقدير دون تقدير ، وكلامه يشمل المواضع الثلاثة ، فهو يبرهن على عدم جريانه في المواضع الثلاثة.
نعم. ذكر الميرزا (قده) بيانا آخر ـ في رسالته في حكم اللباس المشكوك ، غير المنقول عنه في تقريرات دروسه ـ مفاده لو تمّ ، فهو يقتضي المنع عن جريان استصحاب العدم الأزلي في الموضع الثاني والثالث.
إذن ما هو مصبّ البحث إنّما هو الموضع الأول ، الذي يهمنا فعلا ، باعتباره من توابع بحث التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، لأنّنا نتمسك فيه بالاستصحاب بدلا عن العموم ، لإثبات حكم العام وتنقيح موضوعه ، وهو الذي ذهب صاحب الكفاية (قده) إلى جريانه (١).
وذهب الميرزا (قده) إلى المنع من جريانه (٢) مطلقا.
وذهب المحقق العراقي (قده) إلى التفصيل (٣) ، وذهب السيد الخوئي (قده) (٤) إلى جريانه تبعا لصاحب الكفاية (قده).
وهنا في مقام إجراء هذا الاستصحاب ينبغي أن نلتفت إلى مسلكين سابقين في بحث التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
١ ـ المسلك الأول : هو مسلك الميرزا (قده) القائل بأن موضوع حكم
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ص ٣٤٦.
(٢) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ١ ـ ص ٤٦٤ ـ ٤٦٥.
(٣) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٥٣.
(٤) هامش أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ص ٤٦٥ ـ ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ـ ٤٧٢.