لو قال المولى : إن كان هذا عادلا فأكرمه. فهذه قضية حقيقية. لأن المولى جعل عهدة تحصيل العدالة فيها على المكلف. وتارة أخرى يفرض ان المولى نفسه فحص عن حاله وأحرز عدالته فقال لعبده. أكرمه. فهذه قضية خارجية لأنّ المولى هو الذي ضمن توفر النكتة الموجبة للحكم بوجوب إكرامه. فالحكم في كلتا الحالتين منوط بعدالة هذا الشخص ، لكن في القضية الأولى ، ـ أي الحقيقية ـ أناط المولى تشخيص العدالة وإحرازها بالمكلف ، بينما في القضية الثانية ـ أي الخارجية ـ المولى نفسه هو الذي ضمن إحراز الشرط وما هو دخيل في الحكم بنفسه.
وبعد هذا التمهيد ، نأتي إلى محل البحث ونأخذ الشقوق الأربعة. فإذا فرض ان دليل العام كان الحكم فيه مجعولا على نهج القضية الخارجية فحينئذ ، التقريب الثاني من التقريبين لا يتم ، سواء جعل الخاص على نهج القضية الحقيقية أو الخارجية. وذلك لأن العام إذا كان مجعولا على نهج القضية الخارجية فهو لا ينحل إلى قضايا شرطية بعدد أفراد الموضوع كما بيّناه في الخصوصية الأولى بل ينحل إلى قضايا فعلية بعدد من نظر إليهم المولى ورآهم أفرادا للموضوع ، وحينئذ ، فزيد الفرد المشكوك ، لو فرض انه ليس بقرشي ، لا يناله شيء من دليل العام بقضية شرطية ـ إذا كان هذا عالما يجب إكرامه ـ لأن العام ليس مفاده قضايا شرطية حتى يكون مشمولا لقضية منها ، بل يختص هذا الحكم بخصوص من كان قرشيا أو عالما حقيقية ، وفي مثله ، لا يتم التقريب الثاني إذن ، وذلك لأن مرجعه إلى استفادة قضية شرطية من العام ، وضمّ هذه القضية الشرطية إلى نقيض التالي يثبت نقيض المقدم. بينما هنا في العام لا نستفيد قضية شرطية من دليل العام ، وإنما قضايا العام فعلية.
وإنّما يتم هذا التقريب الثاني ، لو كان العام على نهج القضية الحقيقية ، ففي مثل ذلك ينحل إلى قضايا شرطية بعدد أفراد الموضوع في الخارج ، ويكون مرجعه إلى ان التميمي لو كان قرشيا وجب إكرامه ، أو إلى أن هذا الفرد إذا كان عالما وجب إكرامه. وهكذا بما فيه هذا الإنسان الذي دلّ دليل على عدم وجوب إكرامه المردد بين التخصيص والتخصص ، ولتم هذا