التفصيل من المحقق العراقي إذا تمت ـ كما هو الصحيح ـ إلّا انّ مقامنا ليس من مواردها وإن انطبقت على النزاع المذكور بين الأصوليين والإخباريين بالنسبة إلى البراءة.
والتكلم على المباني المختلفة ، موكول إلى محله ، لكن بشكل إجمالي نقول : إنه إذا فرضنا انّ العلم التفصيلي تعلّق بمقدار ما تعلّق به العلم الإجمالي ، وكان التفصيلي متأخرا عنه زمانا بحيث كان يوجب الانحلال الحكمي ، فحينئذ يبقى العلم الإجمالي على منجزيته ، ومثاله : ما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين عند طلوع الفجر ، ثم حصل له عند طلوع الشمس ما يوجب الانحلال الحكمي ، من قيام إمارة في أحد الطرفين ، وحينئذ يقال : هل يسقط العلم الإجمالي الأول عن منجزيته أو لا؟
ومعنى انّه يسقط ، هو أن نرجع إلى اصالة الطهارة أو البراءة من التكليف في الطرف الآخر ، ومعنى انّه لا يسقط ، أي لا نرجع إلى اصالة الطهارة أو البراءة.
وحينئذ يقال : بأنه بعد تعارض الأصول وسقوطها في الزمن الأول لا يمكن أن ترجع أو يرجع بعضها في الزمن الثاني فإن الميّت لا يعود بعد موته ، وعليه : فنرجع إلى الاحتياط.
وهذا معناه : بقاء منجزية العلم الإجمالي.
وإذا أردنا أن نعمق هذه الصيغة أكثر فنقول : ان هذا العلم التفصيلي المتأخر لو وجد مقارنا للعلم الإجمالي ، فإنه يوجب انحلاله باعتباره انّه كان هو المنجز لهذا الطرف.
وبتعبير آخر يقال : إن العلم التفصيلي لو حدث مقارنا للعلم الإجمالي لأسقط العلم الإجمالي عن المنجزية وصار هو المنجز لهذا الطرف ، ومعه ينحل ، إذ يشترط في كونه منجزا ، أن يكون منجزا لكلا الطرفين ، والمفروض انّه لم يبق له إلّا طرف واحد والطرف الآخر صار متعذرا ، إذن فالعلم الإجمالي يسقط كلية.