وهذه النكتة التي أبرزها صاحب الكفاية (قده) ، يمكن تخريج المدّعى على أساسها ، وتقريب الاستدلال بها ، بأحد تقريبين مختلفين بحسب طرز الإثبات ، وإن كانا معا منتجين لعدم جواز العمل بالعام قبل الفحص.
١ ـ التقريب الأول : هو أن يقال : إن الدليل على حجية العموم إنّما هو السيرة العقلائية ، وهذه السيرة لا تقتضي حجية عموم صدر عن متكلم جرت عادته على أن يعتمد على القرائن المنفصلة ، وإذا لم يمكن إثبات حجية عموم بالسيرة لما ذكر ، فمقتضى القاعدة ، انّ عمومات الشارع ليست بحجة ، لأنّ دليل الحجية الذي هو السيرة لا يشملها.
نعم يمكن إثبات حجية عمومات الشارع من باب دليل سيرة المتشرعة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهالسلام ، فإنّ ديدنهم كان على التمسك بالعمومات الواردة عنهم واستنباط الأحكام منها ، ولكن حينئذ ، هذه السيرة المتشرعة غير محرزة إلّا بعد الفحص عن المخصص ، إذن فلا يجوز العمل بالعام قبل الفحص.
بقي علينا أن نوضح كيفية عدم شمول السيرة العقلائية لعمومات الشارع لكون عادته جرت على التخصيص بالمنفصلات.
وتوضيحه يكون بأحد وجوه ثلاثة.
١ ـ الوجه الأول : هو ، انّ هذا المتكلم الذي انعقد بناؤه على الاعتماد على مخصّصاته المنفصلة ، قد صارت مخصصاته المنفصلة هذه بحكم المتصلة ، وذلك بإلغاء الفاصل الزمني ، وحينئذ ، يكون احتمال المخصص المنفصل بقوة ومثابة المخصص المتصل.
ومن الواضح ـ كما عرفت سابقا ـ إنّ احتمال المخصص المتصل يوجب الإجمال ما لم يقم دليل على نفيه ، فكذلك المنفصل ، وهذا كاف لإجمال العام.
وعلى هذا الأساس ، تخرج عمومات الشارع تخصصا عن موضوع