الحجيّة ، لأن موضوعها هو ظهور العموم ، ولكن بعد فرض إنّ منفصلاته بمنزلة متصلاته ، والمتصل يوجب انهدام أصل الظهور ، إذن فاحتمال المخصص ولو منفصلا ، احتمال لانهدام أصل الظهور ، ومعه لا يكون مشمولا للسيرة العقلائية.
وهذا الوجه ، يمكن الخدشة فيه ، وذلك بأن يقال : بأنه صحيح إنّ استقرار بناء الشارع على الاعتماد على المخصصات المنفصلة ، لكن لم يثبت دليل من قبله بتنزيل المخصص المنفصل منزلة المتصل ، بل كان الاعتماد على المخصص المنفصل لحكم ومصالح تقتضي تأجيل البيان أحيانا.
وهذا الوجه كما ترى ، فإنه موقوف على قيام دليل على قيام المنفصل مقام المتصل ، وحينئذ ، يتم ، وإلّا فبدونه يبطل.
هذا مضافا إلى أن ما يتراءى في بادئ الأمر ، من اعتماد الشارع على المخصصات المنفصلة ، هو أمر مبالغ فيه. بهذا المقدار ، لأن النقل بالمعنى وخفاء كثير من المخصصات لأسباب عديدة. لعلّه هو السبب في طمس جملة من المخصصات التي كان يعتمد عليها الشارع في الكلام من دون إفراط في هذا الاعتماد ، بل لعلّ اعتمادهم على كثير من القرائن والمرتكزات العقلائية هو سبب هذه التصور وهذه الدعوى ، وعليه ، فهذا الوجه غير تام.
٢ ـ الوجه الثاني : هو انّ الاستدلال بالسيرة العقلائية ، إنّما يصح فيما إذا فرض انه كانت هناك حالات مماثلة عند العقلاء لنرى أنّهم هل يبنون على حجية عمومات المتكلمين الذين يكثرون من الاعتماد على المخصصات المنفصلة أم لا ، ومثل هذا غير موجود خارجا ، فإنّ العقلاء لا يعتمدون على المخصص المنفصل إلّا قليلا ، وحينئذ ، فمن أين لنا أن نثبت انعقاد بناء العقلاء على حجية مثل هذه الظهورات ، لأنه لا يوجد في العقلاء من تكون ظهوراته من هذا القبيل ليستقر منهم عمل بعموماته ليكون من بعد ذلك حجة في عمومات الشارع ، إذن لو بقينا نحن والسيرة ، لما كانت مثل هذه العمومات الشرعية حجة ، لا قبل الفحص ولا بعده.