تلك القضية اللغوية. إذ ان هذا المعنى المراد ـ الرجل الشجاع ـ يستعمل فيه لفظ «أسد» عند الحاجة أحيانا. لكن ليس كل معنى يستعمل فيه اللفظ عند الحاجة أحيانا يكون موضوعا له ، بل بالاستقراء نرى جملة كثيرة من المعاني لم يوضع لها ، ولنفرض انه في كل ثلاث معاني يحتاج إليها يوجد معنى واحد يوضع له اللفظ ، وحينئذ سوف يقع التعارض بين أمارتين ، بين إمارية كاشفية الغلبة المستلزمة لكون الرجل الشجاع معنى حقيقيا للفظ أسد ـ أي بين إمارية الوضع ـ وبين أماريّة حساب الاحتمال في طرف المستعمل.
وهذا قد بيّنا أصوله الموضوعية في كتاب الأسس المنطقية للاستقراء ، وقد أوضحنا انّ من جملة هذه الحالات ، لو انّ شخصا ثقة أخبر بخبر ، فهنا احتمال صدقه تسعة من عشرة ، لكن لو فرض انّ تلك القضية في نفسها كانت بعيدة وكانت عوامل عدمها أكثر من عوامل وجودها ، فيتعارض هنا مع حساب الاحتمالات ، كما لو أخبرنا انّ طفلا عمره ثلاث سنين يتكلم ثلاث لغات.
وقد ذكرنا هناك ، انّ حلّ هذا التزاحم يكون بتشكيل علمين إجماليين لتحديد صحة كل منهما.
ولكن في محل كلامنا ، فإنّ كشف إخبار الثقة بقضية ، يزاحم مع عوامل عدم كشف تلك القضية ، فهنا يكون ظهور حال هذا المستعمل في انّه يستعمل لفظ الأسد في معناه الحقيقي ، معارض مع نفس عوامل عدم وضع لفظ أسد للرجل الشجاع.
وحينئذ ، فلا بدّ من أخذ نسبة العوامل في كل من المتعارضين.
ومن هنا يمكن أن يقال : انّ هذه نكتة نوعية عقلائية ، وتكون بوجودها الارتكازي مؤثرة.
ولهذا استقرّ بناؤهم على أنه لا معنى لإثبات الوضع باصالة الحقيقة ، وليس ذلك إلّا لأنّ إثبات القضية اللغوية باصالة الحقيقة معناه ، إدخال حساب