هل يخصّص المفهوم عاما إذا تعارضا أم لا؟
وهذه المسألة ، قد تكون إثارتها بسبب شبهة مفادها : إنّ المفهوم أضعف من أن يخصّص عموما ، فإنّ عموم العام منطوق ، والدلالة المفهوميّة أضعف من الدلالة المنطوقية.
وحينئذ ، أجيب على هذه الشبهة ، بأنّ المناط في قوة الدلالة وضعفها ، ليس المنطوقيّة والمفهوميّة ، بل المناط في القوة والضعف ، إمّا الأظهريّة ، وإمّا القرينيّة ، وإمّا الورود ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقد يكون منشأ إثارتها شيء آخر عكس ما ذكر ، وهو انّه إذا تعارض العام مع المفهوم ، فيجب أن نقدم المفهوم ، وإلّا فلو لم نقدم المفهوم ، وعملنا بالعام ، فحينئذ ، هل نعمل بالمنطوق أم لا؟
فإن عملنا به ، فهذا تفكيك بين المتلازمين ، وإن رفعنا اليد عن المنطوق ، فهذا جزاف محض ، وإلغاء للدليل بلا موجب لأنّ المنطوق ليس له دعوى في معارضة العام ، وبهذا نستحصل على صورة برهان على تقديم المفهوم.
وحينئذ ، قد يجاب على هذه الشبهة ، بأنّه إذا وجد ملاك آخر يقتضي تقديم العام والعمل به ، حينئذ ، فلا نعمل ، لا بالمفهوم ، ولا بالمنطوق.
وقولكم بأنّ سقوط المنطوق جزاف بجزاف ، لأنه لا معارض له ، هذا القول هو جزاف في نفسه أيضا ، لأنّ المعارضة تسري لا محالة من المفهوم