إلى المنطوق ، فإنّ العام ، وإن كان أولا وبالذات يكذّب المفهوم ، إلّا انّ المفهوم لازم للمنطوق ، والنافي للازم ، نافي لملزومه ، وبذلك تسري المعارضة إلى المنطوق.
وعلى كل حال ، فالكلام في هذه المسألة يقع في مقامين.
١ ـ المقام الأول : فيما إذا كان المفهوم ، مفهوم الموافقة.
٢ ـ المقام الثاني : فيما إذا كان المفهوم ، مفهوم المخالفة.
المقام الأول : في مفهوم الموافقة :
ومفهوم الموافقة هو ، عبارة عن استفادة حكم لفرد من حكم فرد آخر ، على أساس القطع بالمساوات بينهما في الحكم ، أو على أساس أولويّة هذا الفرد من ذاك الفرد في الحكم ، ويرجع مفهوم الموافقة إلى مدلول التزامي قائم على أساس الفحوى ، أو المساوات ، أو الأولويّة.
وحينئذ ، هذه الملازمة التي هي أساس مفهوم الموافقة ، تارة يكون ملزومها هو أصل المنطوق ، وأخرى يكون ملزومها هو إطلاق المنطوق.
أو قل : تارة يكون ملزومها أصل المدلول المطابقي للقضيّة المنطوقة بقطع النظر عن إطلاقها ، أصلها يستلزم ثبوت حكم آخر بالفحوى ، أو الأولويّة ، وأخرى ، يفرض أنّ إطلاقها يستلزم ذلك لا أصلها.
وعلى كل من التقديرين ، تارة ، يفرض أنّ التعارض بين العام المفروض في مقابل هذا المنطوق ، وبين المفهوم للقضية المنطوقة ، أي يفرض التعارض مستقلا بلا تعارض آخر بين المنطوقين أنفسهما ، وأخرى يفرض التعارض ، بين المنطوقين أنفسهما ، بقطع النظر عن التعارض بين المفهوم والعام ، فهذه أربع صور.
١ ـ الصورة الأولى : هي أن يكون عندنا عام ، ومنطوق له مفهوم مخالف مع ذلك العام ، وهذا المفهوم لازم لأصل المنطوق ، لا لإطلاقه ،