فإنّ هذا إنما يصح في خصوص ما إذا كان المفهوم لازما لإطلاق المنطوق في مورد معارضته مع العام لا مطلقا كما تقدم بيانه ، وبهذا يتم الكلام في الصور الأربعة.
المقام الثاني : تخصيص العام بمفهوم المخالفة :
إذا تعارض العام مع هذا المفهوم ، فقد تبيّن ممّا سبق ، وجود فرق بين تعارض مفهوم الموافقة مع العام ، وبين تعارض مفهوم المخالفة مع العام ، حيث ذكرنا أنّ مفهوم الموافقة لازم للحكم المنطوقي ، ولذا يكون التعارض معه تعارضا مع ذاك الحكم المنطوقي.
وأمّا مفهوم المخالفة ، فهو مدلول التزامي للفظ مع قطع النظر عن دلالته على الحكم المنطوقي ، ولذا التعارض معه ، لا يلزم منه التعارض مع المنطوق ، ذلك ، لأنّ الشرطيّة تدل على أمرين.
الأمر الأول : ترتب الجزاء على الشرط ، وهذا هو المنطوق.
الأمر الثاني : إنّ الترتب بنحو العليّة الانحصاريّة وهذا مستلزم للمفهوم ، والتعارض مع الحيثيّة الثانية للدليل ، لا يلزم فيها التعارض مع الحيثيّة الأولى.
وتعارض العام مع مفهوم المخالفة ، تارة يكون مع أصل المفهوم رأسا ، كما لو ورد «أكرم زيدا» ، ثم ورد ، «إن كان زيد عالما فأكرمه» ، فهنا لو أخذنا بالعام ، أو المطلق ، لزم إلغاء أصل الدلالة على المفهوم رأسا ، لأنّ التعارض حينئذ مع أصل مفهوم المخالفة.
وتارة أخرى يكون معارضا لإطلاق المفهوم ، كما لو ورد : «إذا كان العالم عادلا فأكرمه» ، فهذا يدل بمفهومه على عدم وجوب إكرام العالم الفاسق ، ثم ورد في دليل آخر ، «أكرم العالم الهاشمي» ، فيكون هذا الدليل بإطلاقه أو عمومه منافيا لإطلاق المفهوم ، فلو أخذنا بهذا العموم ، وقلنا بوجوب إكرام كل عالم هاشمي ، فلا يلزم منه إلغاء المفهوم ، بل يلزم منه انّ الهاشمية عدل للعدالة ، وهذا معناه ، تقييد المفهوم ، وهذا التقييد في المفهوم معقول بعد ان أجبنا في بحث المفهوم عن شبهة مفادها :