كونها كذلك لا يغيّر من طبيعة المعنى الموضوع له أو المستعمل فيه ، لأنّ كليهما موضوعان لطبيعي الإخراج ومعه ، قد يراد به واحد ، وقد يراد به أكثر من واحد ، غايته انّه يختلف من حيث اللحاظ الآلي والاستقلالي.
وأمّا على بناء العراقي (قده) حيث وافق المشهور في الجملة على أنّ المعاني الحرفية معاني نسبية تغاير في حقيقتها وسنخيّتها المعاني الاسمية ، «فمن» تدل على النسبة الابتدائية ، و «إلّا» تدل على النسبة الإخراجية ، لكنه يختلف عنهم ، حيث انّ المشهور يقولون انّه لا يمكن تعقل جامع بين النسب ، حتى ولو كانت نسبتين متماثلتين ، ليكون هو الموضوع له الحرف ، بل لا محالة يكون موضوعا لنفس الأفراد والجزئيات ، أي لكل نسبة نسبة ، وسمّوا ذلك بالوضع العام والموضوع له خاص ، ومعه ، يكون المستعمل فيه خاص أيضا لا محالة ، كل ذلك ، باعتبار انّ النسب الحرفية لا يوجد جامع فيما بينها يوضع له الحرف ولو كانت نسبا متماثلة كما عرفت ذلك.
وحينئذ قالوا : بأنّ استعمال الحرف في الفرد يختلف عن استعمال الإسم في الفرد ، فإن لفظة «رجل» لم يوضع لفرد حتى يستعمل فيه مباشرة ، بل وضعت للمعنى العام ، فتستعمل في ذلك المعنى الذي وضعت له ، وحينئذ ، إذا أريد استعمالها في الخاص ، «زيد مثلا» ، ينبغي أن يكون بنحو تعدد الدال والمدلول ، لأنها لم توضع «لزيد» ، إذن ، فإرادة زيد منها يحتاج إلى قرينة ، أي إنّ خصوصية الفرد منها تحتاج إلى قرينة أخرى تدل عليها.
وأمّا في باب الحروف ، فإنّه لمّا كان الموضوع له فيها خاص ، فإنّ الخاص يراد بنفس اللفظ ، لأنّ اللفظ موضوع له.
وهذا صحيح كما برهنا عليه في محله.
ولكن المحقق العراقي (قده) رغم انّه وافق المشهور في انّ المعاني الحرفية تغاير المعاني الاسمية سنخا وذاتا ، فقد ذهب (١) إلى انّ الوضع في
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٥٩.