الثالثة ، فهنا معناه : «أكرم زيدا ، وأكرم عمروا» الخ. نعم ، لو قيل هذا في قوة التكرار لكان أمرا معقولا ، وعليه : فهنا ينطبق ما ذكرناه.
نعم في الصورة الثالثة وهي ما إذا فرض انّ المحمول لم يتكرر ، وإنّما المتكرر هو الموضوع كما لو قال : «أكرم العلماء والهاشميين والشيوخ» ، فهنا لو قيل : انّ العطف في قوة التكرار ، بمعنى رجوع ذلك إلى «أكرم العلماء ، وأكرم الشيوخ ، وأكرم الهاشميين» ، لكان أمرا معقولا.
لكن حينئذ يصاغ من ذلك إشكال حاصله : أنّه يكون حكم الصورة الثالثة كحكم الصورة الأولى ، حيث انّه في الصورة الأولى صرّح فيها بالموضوع والمحمول ، وهنا في الصورة الثالثة صرّح فيها بالموضوع وقدّر المحمول ، وعليه : فيجب أن يسري حكم الصورة الأولى إلى الصورة الثالثة ، لأنه حينئذ لا فرق أساسي بينهما باعتبار ، انّ المقدّر كالمذكور صريحا ويترتب عليه ، ان يعطى حكم الأولى للثالثة.
ونحن كنّا نقول في الصورة الأولى بأنّ الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط إذا كانت أداة الاستثناء حرفا ، ولكن في الصورة الثالثة كنّا نقول : إنه يرجع إلى الجميع ولو كان حرفا ، وحينئذ ، بناء على ما ذكر من كون العطف في قوة التكرار ، فإنّ الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط كالصورة الأولى.
بينما ذكرنا انّ الاستثناء في الصورة الثالثة يرجع إلى الجميع ، لأنّ إرجاعه إلى الأخيرة فقط معناه التوجه إلى «أكرم» المقدّرة مستقلا ، مع انّ فرض كونها مقدّرة ومنزّلة على ما هو مصرح به ، يعني هذا تعويلا على ما صرّح به ، ومعنى هذا ، انّ هذا التقدير هو إلغاء لما صرّح به ، وهذه التبعية في مقام البيان ، تستدعي في مقام الإرجاع أيضا ، أن يكون إرجاع الاستثناء إليها بنحو التبعية ، وذلك بإلباس ثوب الوحدة للجماعات الثلاثة ، لكي يتطابق النظر إليها في مقام الاستثناء مع النظر إليها في مقام البيان ، هذا كلّه لو سلّم انّ العطف في قوة التكرار عرفا ، وإن كان هو كنظرية نحوية لا أكثر.