٢ ـ المرحلة الثانية : من كلام المحقق العراقي (قده) ، وهو أغرب من كلامه الأول ، حيث يقول (١) هنا : إنه لا إشكال في انّ هذا المستثنى يهدم الإطلاق في الجملة الأخيرة ـ ولنفرض إنّ الأخير هي جماعة «الهاشميين» ـ ولذا نرفع اليد عن الإطلاق فيها ، وأمّا الإطلاق في الجملة الأولى وكذا الثانية ، فإن النسبة بينه وبين الإطلاق المستثنى ، هي العموم من وجه.
وتوضيحه : هو إن مقتضى الإطلاق في قوله ، «أكرم العلماء ، وأكرم الشيوخ» ، إنّه يشمل العدول والفسّاق من هذه الجماعات في عقد المستثنى ومقتضى الإطلاق في قوله «إلّا الفساق» ، يشمل فسّاق هذه الجماعات نفسها وفساق غيرها ، إذن فهنا إطلاقان متعارضان بنحو العموم من وجه ، ومعه ، فلا بدّ من تطبيق قواعد باب التعارض على ما يأتي في كلامه الثالث.
وهذا الكلام من العراقي غريب.
أمّا أولا ، فلأنّ كلمة «الفاسق» ـ المستثنى ـ وإن كانت في نفسها لها إطلاق يشمل الفاسق من «العلماء والشيوخ والهاشميين وغيرهم» ممّن لم يقع في عقد المستثنى منه ، إلّا انّه بعد أن وقعت كلمة الفساق مدخوله لأداة الاستثناء وفي سياقه ، حينئذ يكون الاستثناء قرينة متصلة على تحديد دائرة «الفاسق» في ضمن دائرة المستثنى منه ، وحينئذ يصبح المستثنى منه مجملا ومرددا بين الجملة الأخيرة وبين الجماعات الثلاث ، فإنه حينئذ ، يصبح المستثنى أيضا مجملا ومعه ، يستحيل أن يبقى «للفاسق» أيّ إطلاق ، لأنّ هذا الإطلاق فرع أن يكون دائرة المستثنى منه أوسع ، وهذا لم يحرز كما عرفت.
إذن ، فكأنّ المحقق العراقي (قده) ملتفت إلى الإطلاق الذاتي لكلمة «فاسق» بقطع النظر عن وقوعه في سياق الاستثناء.
والخلاصة : هي انّ الإجمال في المستثنى منه يوجب الإجمال في
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٥٩.