المستثنى ، فلا ينعقد إطلاق في دائرة المستثنى ليجعل ذلك معارضا مع الإطلاق في المستثنى منه.
وأمّا ما يرد عليه ثانيا ، هو أن يقال : إنّه لو سلّمنا تماميّة هذين الإطلاقين ، فإنّه لا تصل النوبة إلى تعارضهما ، بل يتعيّن تقديم إطلاق المستثنى على المستثنى منه ، لأنه حاكم عليه ، وذلك لأن الاستثناء له نظر تحديدي وتضييقي في دائرة المستثنى منه ، فيكون حاكما عليه ، ومعه لا تكافؤ بين الإطلاقين ليرجع إلى قواعد باب التعارض.
٣ ـ المرحلة الثالثة : من كلام المحقق العراقي (قده) ، هو انّه بعد أن افترض هذين الإطلاقين ، وافترض تعارضهما ، قال : بأنّ هذين الإطلاقين كلاهما غير ثابت في نفسه ، لا لأنّ أحدهما يمنع عن ثبوت الآخر ، بل لأنّ كلا منهما في نفسه غير ثابت ، والسبب عنده ، هو أنّ كلا الظهورين دوريّ ، حيث انّ ظهور المستثنى منه في الإطلاق متوقف على عدم تماميّة ظهور المستثنى في الإطلاق ، إذ لو تمّ ظهوره فيه لكان قرينة عليه ، وعدم تماميّة ظهور المستثنى في الإطلاق ، متوقف على ظهور المستثنى منه في الإطلاق ، وهذا يعني : توقف ظهور المستثنى منه في الإطلاق على ظهوره في الإطلاق ، وكذا لو أخذنا جانب المستثنى ، فإنّ ظهوره في الإطلاق متوقف على عدم تماميّة ظهور المستثنى منه في الإطلاق ، وعدم تماميّة ظهور المستثنى منه في الإطلاق ، متوقف على ظهور المستثنى في الإطلاق وهكذا فإنّ كلا منهما يكون متوقفا على نفسه ، ومعه يستحيل وجودهما.
وهذا الكلام من العراقي (قده) مظهر من مظاهر تصور عام عند القوم حينما يريدون إبطال شيء بالدور ، فيقولون : إنّه متوقف على كذا ، وكلّ متوقف على نفسه يستحيل وجوده.
وهذا النوع من التفكير غير تام في نفسه ، لأنّ ما هو المستحيل هو نفس توقف الشيء على نفسه ، لا وجود المتوقف خارجا بعد التسليم بتوقفه على نفسه ، ثم بعد ذلك نقول ، انّ هذا لا يوجد.