وفرق بينهما ، إذ تارة نقول : انّ هذا الشيء متوقف على نفسه ، وحيث انّه كذلك فلا يوجد لأنه دوري ، وأخرى نقول : يستحيل توقف الشيء على نفسه ولأجل ذلك يستحيل وجوده ، والصحيح هو الثاني.
وكأنّ العراقي هنا فرض انّ هذا الظهور متوقف على نفسه ، وفرض الظهور الآخر كذلك ، وبعد ذلك قال : ولأجل ذلك لا يوجدان ، بينما هذا مستحيل لأنه لا يتوقف الظهور على نفسه.
وإن شئت قلت : إنّ محذور الدور لا يندفع بمنع وجود الموقوف والموقوف عليه خارجا وإن كان دائرا ، وإنّما يندفع بإبطال أحد التوقفين في نفسهما ، فإنّ المستحيل هو عليّة الشيء لنفسه في عالم العليّة والملازمات ، أي في لوح الواقع الذي هو أوسع من لوح الوجود الخارجي ، فاستحالة الدور ليست من شئون عالم الوجود الخارجي لكي نكتفي في دفع عائلة الدور في المقام ، بمنع انعقاد الإطلاقين خارجا في مورد تعارضهما ، بل لا بدّ من إبطال أحد التوقفين ، لأنّ المستحيل هو نفس توقف الشيء على نفسه.
ومن هنا ، فإنّا بحاجة لحل هذه الشبهة.
وحلّها ، هو أن يقال إن كلا من الإطلاقين متوقف على عدم الظهور الشأني للآخر في الإطلاق وليس على عدم الظهور الفعلي للآخر في الإطلاق ، مع انّ الظهور الشأني لكل منهما في الإطلاق موجود ، والظهور الفعلي لكل منهما غير موجود ، إذن ، فهدم الظهور الفعلي في أحدهما متوقف على عدم الظهور الشأني في الآخر لا الظهور الفعلي ، وعدم الظهور الشأني في ذاك ، متوقف على الظهور الفعلي في الآخر ، وكذلك يقال في الظهور الآخر ، إذن فالظهور الفعلي في كل منهما غير موجود لوجود الظهور الشأني في قباله ، إذن ، فلا دور ، لا في مرحلة الظهورين الشأنيين ولا في مرحلة الظهورين الفعليين.
أمّا في مرحلة الظهورين الشأنيين الاقتضائيين فلأنّ كلاهما موجود ، وكل منهما لا يتوقف على عدم الآخر.